السؤال
عندي وسواس في الصيام فأخاف لو بلعت ريقي أخاف أن يكون هناك شيء يدخل في جوفي لو كان عالقا بين أسناني، والذي أصابني بوسواس أكثر هو أنني قرأت أن الريق لو خرج إلى ظاهر الشفتين ثم أعاده أفطر، وأنا زاد علي الوسواس وصرت لو بصقت أستخدم منديل لأمسح شفتي قبل أن يرجع ما تبقى إلى الفم، هناك شيء آخر وهو أنني أحيانا أشك أنني أفطرت وأحاول أن أبقى صائماً لكن الشيطان يلح علي بأنني أفطرت وأحاول أن أقنعه بأن توهم دخول شيء لا يفطر ولكن غلبني أحياناً ، ونويت الفطر في هذا الشهر مع أنني لم آكل ولم أشرب شيئاً ولكن لكي أرتاح وأقضي هذا اليوم، وإلى الآن ألزمت نفسي أن أقضي 9 أيام مع أنني لم آكل ولم أشرب شيئاً ولكن حتى أبلع ريقي بارتياح حتى لو أحسست بشيء في حلقي، صدقوني قلبي يتقطع وأنا أرى الناس وهم صائمون بكل راحة، وأنا ليست مشكلتي في ترك الطعام والشراب ولكن خشيتي أن يدخل شيء ولو يسير مخافة أن يفسد صومي .
1) فهل اليسير معفو عنه في الصيام؟
2) وهل نية الفطر بدون أكل أو شرب يبطل الصوم؟ ....وأنا أخاف أن أكون نسيت تبييت النية فأنوي ولأنني موسوس أنطق نية الصيام فأحياناً يوسوس الشيطان لي بعد أن أنوي أنني لا أريد الصيام اليوم فأنوي وأنطق النية حتى يؤذن الفجر فأتوقف.
3) هل نسيان تبييت النية وتذكرتها بعد الأذان ونويت فهل يبطل صومي؟
صدقوني لقد وصل بي الأمر في الوسوسة أن أبحث عن أمل في دخول الجنة بلا صلاة أو صيام حتى أستطيع أن أعبد الله بكل راحة وبلا خوف من بطلان العبادة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية فإن داء الوسواس قد تمكن منك وبلغ منك مبلغا عظيما، وعليك لكي تتخلص من هذا الداء أن تأخذ بأسباب العلاج وأن تجتهد في ذلك غير مستسلم لتلبيس الشيطان فإنه لا يريد إلا الإضرار بك. فعليك أن تعرض عن هذه الوساوس جملة وألا تلتفت إليها وألا تعيرها أي اهتمام، وانظر الفتوى رقم: 51601 .
واستحضر دائما أن الله عز وجل رؤوف رحيم فلا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يؤاخذاهم بما لا يدخل في وسعهم. واعلم كذلك أن الأصل صحة العبادة فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين، فمهما لم تتيقين أنه قد دخل شيء إلى جوفك فصومك صحيح، ولك أن تبتلع ريقك بدون تحرج، فإن بلع الريق لا يفسد الصوم باتفاق العلماء، ولا يلزمك مسح شفتيك بمنديل ونحوه، بل هذا من آثار الوسوسة التي تعاني منها، ولو قدر أن شيئا من الطعام الباقي بين الأسنان قد دخل جوفك من غير قصد منك لابتلاعه فلا حرج عليك، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تعمد ابتلاع الشيء اليسير مما يكون بين الأسنان لا حرج فيه، وانظر الفتوى رقم: 127289 . وبهذا يظهر لك أن الأمر أهون بكثير مما تتصوره من هذه الوساوس وتلك الأوهام.
وأما أمر النية فالراجح عندنا أن قطع نية الصوم مفسد له ولو لم يصحب ذلك أكل أو شرب كما في الفتوى رقم: 117282 .
والذي يظهر أن وقوع ذلك منك تحت ضغط الوسوسة مما يعفى عنه لأن ذلك في معنى الإكراه، وقد عفي لهذا الأمة عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وقد ذهب أهل العلم إلى أن نية قطع الصوم لا تفسده ما لم يأت بمناف للصوم، فيسعك هذا القول حتى يعافيك الله عز وجل.
وأما تبييت النية فأمره يسير فمجرد أن يخطر ببالك أنك صائم غدا هو النية الواجبة عليك، ولا يشرع لك إتعاب نفسك بالتلفظ ولا تكرار تحصيلها، فإن أمرها أهون من ذلك. قال ابن مفلح رحمه الله: ومن خطر بقلبه ليلا أنه صائم غدا فقد نوى. انتهى.
قال في الاختيار لتعليل المختار: اعلم أن النية شرط في الصوم وهو أن يعلم بقلبه أنه يصوم، ولا يخلو مسلم عن هذا في ليالي شهر رمضان. وقال في مغني المحتاج: والمعتمد أنه لو تسحر ليصوم، أو شرب لدفع العطش نهارا أو امتنع من الأكل أو الشرب أو الجماع خوف طلوع الفجر، كان نية إن خطر بباله الصوم بالصفات التي يشترط التعرض لها، لتضمن كل منها قصد الصوم.
وبه تعلم أن الأمر أهون بيسير مما تفعله بنفسك حتى يمن الله عليك بالعافية من هذا الداء.
والله أعلم.