السؤال
ما صحة قصة نبي الله جرجيس عليه السلام.
بعث الله تعالى جرجيس عليه السلام إلى ملك الشام، يقال له دازانه يعبد صنماً، فقال له جرجيس عليه السلام : أيها الملك اقبل نصيحتي لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه، فقال له الملك : من أي أرض أنت ؟ قال : من الروم من قاطنين بفلسطين، ثم أمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضح جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة، ثم أمر بمكاوٍ من حديد تحمى فيكوى بها جسده، ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فضربوها في فخذيه وركبتيه وتحت قدميه، فلما رأى أن ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال من حديد فوتدت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فأذيب وصب على إثر ذلك، ثم أمر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانيه عشر رجل فوضعت على بطنه .
فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له: يا جرجيس إن الله جلت عظمته يقول : اصبر وأبشر ولا تخف إن الله معك يخلصك وإنهم يقتلونك أربع مرات، في كل ذلك أرفع عنك الألم والأذى .
فلما أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن، ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكل ساحر، فبعثوا بساحر استعمل كل ما قدر عليه من السحر، فلم يعمل فيه .
ثم عمد إلى سم فسقاه، فقال جرجيس : بسم الله الذي يضل عند صدقه كذب الفجره وسحر السحرة، فلم يضره، فقال الساحر: لو أني سقيت بهذا أهل الأرض لنزفت قواهم وعميت أبصارهم، فأنت يا جرجيس النور المضيء والسراج المنير والحق المبين، أشهد أن إلهك حق وما دونه باطل، آمنت به وصدقت رسله واليه أتوب مما فعلت، فقتله الملك .
ثم أعاد جرجيس صلوات الله عليه إلى السجن وعذبه ألوان العذاب ثم قطعه قطعاً وألقاه في جب .
ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب، فأمر الله تعالى إعصاراً نشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا أن يكون هلاكهم، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال : قم يا جرجيس بقوة الله الذي خلقك فسواك، فقام جرجيس حياً سوياً وأخرجه من الجب وقال : اصبر وأبشر .
فانطلق جرجيس حتى قام بين يدي الملك وقال : بعثني الله ليحتج بي عليكم فقام صاحب الشرطة وقال : آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك وشهدت أنه الحق وجميع الآلهه دونه باطل، واتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدقوا جرجيس، فقتلهم الملك جميعا بالسيف، ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتى احمر فبسط عليه جرجيس وأمر بالرصاص فأذيب وصب في فيه ( فمه )، ثم ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ثم ينزع ويفرغ الرصاص مكانه .
فلما رأى أن ذلك لم يقتله، أوقد عليه النار حتى مات وأمر برماده فذرّ في الرياح، فأمر الله تعالى الرياح والأرضين في ليلة فجمعت رماده في مكان، فأمر ميكائيل عليه السلام فنادى يا جرجيس، فقام حياً سوياً باذن الله تعالى .
فانطلق جرجيس عليه الصلاة والسلام إلى الملك وهو في أصحابه، فقام رجل وقال : إن تحتنا أربع عشر منبراً ومائده بين أيدينا وهي من عيدان شتى منها ما يثمر ومنها ما لا يثمر، فسل ربك أن يلبس كل شجره منها لحاها وينبت فيها ورقها وثمرها، فان فعل ذلك فإني أصدقك، فوضع جرجيس ركبتيه على الأرض ودعا ربه تعالى عظم شأنه، فما برح مكانه حتى أثمر كل عود فيها ثمره .
فأمر الملك فمد بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتى سقط المنشار من تحت رجليه ثم أمر بقدر عظيمه فألقي فيها الزفت والكبريت والرصاص وألقي فيها جسد جرجيس عليه السلام، فطبخ حتى اختلط ذلك كله جميعا، فأظلمت الأرض لذلك وبعث الله اسرافيل فصاح صيحه خر منها الناس لوجوههم ، ثم قلب إسرافيل عليه السلام القدر ، فقال : قم يا جرجيس بإذن الله تعالى، فقام حياً سوياً بقدرة الله تعالى .
وانطلق جرجيس إلى الملك، ولما رآه الناس عجبوا منه فجاءت امرأة وقالت : أيها العبد الصالح كان لنا ثور نعيش به فمات، فقال لها جرجيس عليه السلام : خذي عصاي فضعيها على ثورك وقولي : إن جرجيس يقول : قم بإذن الله تعالى، ففعلت ، فقام حياً، فآمنت به .
فقال الملك إن تركت هذا الساحر أهلك قومي، فاجتمعوا كلهم أن يقتلوه ، فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف، فقال جرجيس عليه السلام : اللهم إن هلكت على يد عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبراً لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء، ثم ضربوا عنقه فمات، ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم .
فسبحان الله تعالى إن الله على كل شيء قدير.