الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دراسة الطب أم التفرغ للدراسات الإسلامية والدعوة إلى الله

السؤال

أنا طالبة متخرجة من الثانوية، وعلى أبواب الجامعة، وكان حلمي أن أدخل الطب منذ كنت صغيرة، لكن ـ سبحان الله ـ في آخر رمضان ربنا هداني وتسلل حب ربي إلى قلبي إلى أن أصبح ملكاً لخالقي، فغيرت حلمي، وأريد أن أتخصص في الشريعة، وأريد أن أعرف عن ربي وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء، وأدعو إلى ربي بكل ما أملك، ولكن المشكلة أن أهلي يرفضون فكرة دخولي دراسات إسلامية، ويتمنون لي دخول الطب من أجل مستقبل زاهر، فهل لو دخلت دراسات إسلامية وكسرت كلمتهم يعتبر هذا من العقوق؟ أخاف على نفسي من أن أرجع مثل ما كنت، أو أن أنسى الهدف من خلقي.
ولكم جزيل الشكر، أرجو أن ترسلوا جوابا لسؤالي في أقرب وقت ـ حتى يمكنني تحويل إيميلي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يهديك إلى سواء السبيل، وأن يثبت أقدامك على طريق الطاعة والاستقامة، واعلمي أيتها السائلة أن الدعوة إلى الله جل وعلا من أعظم الواجبات وأشرف الأعمال التي يشتغل بها المسلم، فقد قال سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}.

وقد سبق في الفتوى رقم: 37677، بيان أن الدعوة إلى الله من أفضل العبادات، وفي الفتوى رقم: 29987 أن الدعوة إلى الله واجبة على كل فرد بحسبه، ودراسة علم الطب من الدراسات المفيدة خصوصاً إذا استحضر دارسها فيها النية، لا سيما من جانب المرأة المسلمة التي تبغي من هذه الدراسة تطبيب النساء المسلمات وحفظ عوراتهن أن يطلع عليها الرجال، لا شك أن هذا من الطاعات العظيمة والنيات الحسنة الصالحة، ولا مانع من أن تكون الفتاة طبيبة وتشتغل مع ذلك بالدعوة إلى الله جل وعلا، فلا تنافي بين هذا وذاك، ولكن لا شك أن التخصص في الدعوة والتفرغ لها أكمل وأسلم، فإن العمر قصير والإنسان قد ينشغل بدراسة الطب لا سيما وأنها دراسة صعبة تحتاج إلى تفرغ ومثابرة، ثم ينشغل بعد التفرغ بالعمل ونحوه، وقد يصده هذا عن طريقه وغايته.

وعلى ذلك، فإن كنت قد قذف في قلبك حب الدعوة إلى الله تعالى وتعلم العلم الشرعي، وخفت إن أنت اشتغلت بالطب أن يلهيك عن مقصودك الأعظم من طاعة الله والدعوة إلى سبيله، فلا حرج عليك حينئذ في مخالفة رغبة أهلك والتحويل إلى الكلية المتخصصة في الدراسات الشرعية، ولا يعد هذا من قبيل العقوق أوالإساءة، على أن تعتذري إليهما عن ذلك بأسلوب لين لطيف لا زجر فيه ولا تعنيف.

هذا كله في حال استواء الدراستين في الانضباط بالأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، أما إن كانت دراسة الطب يلزم منها الوقوع فيما حرم الله تعالى، فهنا يجب أن تنصرفي عنها احترازاً من الفتنة وفراراً منها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 119357.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني