الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقيم الحدود إلا السلطان أو نائبه

السؤال

الإخوة الأعز اء بعد التحية أرجو الإجابة على أسئلتي للضرورة والأهمية مع خالص شكري وتقديري لجهودكم الكبيرة. ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
أرملة بسيطة وضعيفة العقل تسكن مع والدتها وجيرانها من الأقارب، تسور عليها ابن عمها- وهو متزوج- البيت وهي لوحدها وقام باغتصابها عن سابق عمد وإصرار، نكاية في إخوانها الشرفاء لتلويث سمعتهم وهتك عرضهم، وقد اكتشف أحد إخوانها الأمر بعد أن وصلت إليه معلومة حول هذا الموضوع، وقد قام بالتحقيق معها وتبين أنها حامل في الأيام الأولى، وقد تم إسقاط الحمل خوفا من الفضيحة وحصول ما لا يحمد عقباه، وقد أخفى أخوها الأمر عن إخوانه.
والسؤال:
1- ما حكم قتله بطريقة ما لارتكابه هذه الجريمة المركبة وهي الزنا والاغتصاب ودخول البيت من فوق الجدار، وهذا يعني أنه كسر محرم البيت، وفي مجتمعنا لها أهمية كبيرة، وهل يؤثم بقتله إن هو فعل ذلك؟2- ما حكم قتلها هي إذا ثبت أنها متواطئة معه بطريقة ما وإخفاء الأمر حتى لا تحدث فضيحة تؤثر على جميع أفراد الأسرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لكم الإقدام على قتل هذا الرجل، وذلك لما يلي:

أولا: أن جريمة الزنا لا تثبت أصلا إلا بالإقرار أو شهادة أربعة شهود عدول يرون هذه الجريمة أثناء حدوثها. وهذا لم يتحقق في هذه الجريمة بناء على ما ذكر في السؤال، لأن مجرد إخبار المجني عليها بذلك لا يعتد به في حق الرجل، بل هو مجرد دعوى لا تثبت إلا ببينة.

ثانيا: وإن تحققت البينة أو اعترف هذا الرجل بجريمته فلا يجوز أيضا الإقدام على قتله، لأنه وإن كان مستحقا للقتل لكونه زانيا محصنا إلا أن الحدود لا يقيمها إلا السلطان، ولا يجوز لآحاد الناس مباشرة تنفيذها، وإلا لعمت الفوضى وساد الشر والفساد بين الناس. وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى التالية: 23376

هذا بالإضافة إلى أن قتل هذا الرجل سيجر على القاتل بلاءً كبيرا، لأنه إن كان في بلد تطبق أحكام الشريعة فسوف يقتص منه إن عجز عن الإتيان بالبينة، وإن كان في بلد لا تطبق الشريعة فسوف يكون جزاؤه إما السجن أو الإعدام أو غير ذلك.

وتأسيسا على ذلك فإنه لا يجوز لكم أن تقتلوا هذا الرجل، ولكن إن تيقنت من كونه هو الفاعل فلكم أن ترفعوا أمره إلى السلطات المختصة بما معكم من بينات حتى يلقى جزاءه.

وإذ ثبت عدم جواز قتل الرجل فمن باب أولى لا يجوز قتل المرأة، لأنها إن كانت قد أكرهت على الفاحشة فلا إثم عليها ولا مؤاخذة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.

وإن كانت مواطئة له فلا يجوز أيضا قتلها لأن هذا من اختصاص السلطان كما سبق بيانه، مع العلم أنه لا يجوز لكم اتهامها بالمواطأة بمحض الظنون والأوهام، بل ينبغي تصديقها فيما أخبرت به من كون الجريمة وقعت رغما عنها؛ لأن الأصل في المسلم السلامة والنزاهة.

وراجع في حكم الإجهاض الفتوى رقم: 44731.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني