الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحائض... بين جواز قراءة القرآن والمنع

السؤال

ماهي الضوابط الشرعية المطلوبة من المرأة الحائض لكي تتعامل مع المصحف الشريف بالحفظ والتلاوة دون المساس بقدسية القرآن الكريم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه لا يجوز للحائض مس المصحف، إذا كان ذلك بدون حائل، وهذا قول جماهير علماء المذاهب الأربعة، وذلك لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)[الواقعة:56] ولقوله صلى الله عليه وسلم في كتاب عمرو بن حزم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" رواه الحاكم وأحمد ومالك وغيرهم، وصححه الألباني.
وكذلك لا يجوز للحائض قراءة القرآن الكريم، في قول جماهير العلماء، ودليلهم في ذلك قول علي رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال الجمهور: -ما كان علي-رضي الله عنه-ليقول هذا عن توهم أو ظن، وقالوا: الحائض مثل الجنب، بل حدثها أغلظ منه، فيجب منعها من قراءة القرآن، كما مُنع الجنب.
وذهب بعض العلماء إلى جواز قراءة القرآن للحائض دون الجنب، ومن هؤلاء ابن تيمية -رحمه الله- وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد، وهو أحد قولي الشافعي، وذلك بالاستحسان، لطول مقامها، بخلاف الجنب، فإنه يمكنه رفع حدثه متى شاء.
وهذا القول -وإن كان القائلون به أقل من القائلين بالأول- إلا أنه أقرب للصواب، لأن المرأة لو منعت من قراءة القرآن فترة الحيض، والتي قد تطول عند بعض النساء، كان ذلك داعياً إلى نسيانها ما تحفظه من كتاب الله خلال فترة الطهر، ولا يخفى ما في ذلك من انقطاعها عن هذا الكتاب المنزل ليتلى ويتدبر، وذهب بعضهم كذلك إلى جواز مس المصحف بحائل إن احتاجت لذلك، كحفظ ومراجعة ودراسة وتدريس، بل ذهب ابن تيمية -رحمه الله-إلى وجوب ذلك عليها إن غلب على ظنها النسيان إن لم تراجعه، كما نقل عنه المرداوي في الإنصاف: وهذا الذي نرى ترجيحه أيضاً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني