السؤال
ما حكم التخطي أمام المصلين إذا كان يعلم وما الحكم إذا كان لا يعلم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المصلي يصلي إلى سترة جاز المرور من ورائها، وإذا كان يصلي إلى غير سترة جاز المرور بعيدا منه، وضابط البعد والقرب هو العرف على الراجح، كما في الفتوى رقم: 54156. وضبطه بعض العلماء بموضع السجود وهو ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، وأما المرور بين يدي المصلي وبين سترته، أو المرور قريبا منه إذا كان لا يصلي إلى سترة فإنه لا يجوز.
قال الشيخ صالح بن فوزان حفظه الله: المرور بين يدي المصلي لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وبين ما فيه من الوعيد لقوله عليه الصلاة والسلام : لو يعلم المار بين يدي المصلي لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه. رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي جهم رضي الله عنه. أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فلا يجوز المرور بين يدي المصلي قريبًا منه إذا لم يكن له سترة أو المرور بينه وبين سترته .
أما إذا مرَّ من وراء السترة فلا حرج في ذلك لأنه لو كان أمام المصلي سترة قدر مؤخرة الرحل فلا بأس بالمرور من وراء السترة، وإنما يحرم المرور بين يديه إن لم يكن له سترة ومر قريبًا منه أو إذا مر بينه وبين سترته إلا في حالة الضرورة. انتهى.
والمرور أمام المصلي حيث منع محرم بلا شك، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة، فعن أبي جهيم بن الحارث الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه. رواه الجماعة، قال الشوكاني رحمه الله: قوله : ( لكان أن يقف أربعين ) يعني لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم ( والحديث ) يدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار. انتهى بتصرف.
وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان. رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه.
قال الحافظ: في شرح قوله فإنما هو شيطان: إطلاق الشيطان على المارد من الإنس شائع ذائع وقد جاء في القرآن قوله تعالى: { شياطين الإنس والجن }. وسبب إطلاقه عليه أنه فعل فعل الشيطان . وقيل: معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان. انتهى.
وهذا كله يدل على قبح هذا الفعل وعظم ذنب مرتكبه، وهذا فيما إذا كان عالما بالحكم، وأما إذا كان جاهلا به فهو معذور في رفع الإثم عنه لجهله لقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً.{الإسراء:51}.
ولغير ذلك من الأدلة الكثيرة، وإن لم يكن معذورا لتقصيره في تعلم ما يجب عليه تعلمه، فإن كل مسلم يجب عليه أن يتعلم ما يلزمه من أحكام الشرع، ويبحث عما أوجبه الله عليه فيفعله، وعما نهاه عنه فيتركه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني