الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمام نوى قطع الصلاة بسبب الوسوسة في دخوله في الرياء

السؤال

ما حكم من صلى إماماً، وبسبب الوسوسة في دخول الرياء نوى قطع الصلاة، ولكنه استمر فيها إلى آخرها، ثم بعد ذلك قام وأعادها وحده، وقد استمر في الصلاة ولم يخرج منها استحياء ولم يقصد استحلال هذا الفعل ولا التلاعب ولا الاستهزاء بالصلاة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنية قطع الصلاة والخروج منها مبطل للصلاة، لأن استدامة النية شرط من شروط الصلاة وقطعها مناف لهذه الاستدامة، جاء في الروض المربع مع حاشيته: فإن قطعها -أي النية - في أثناء الصلاة بطلت لأن النية شرط في جميعها، صححه في التصحيح وغيره، أشبه ما لو سلم أو عزم على قطعها فبطلت، لأن النية عزم جازم ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية.

وقال ابن قدامة في المغني: وإن تلبس بها بنية صحيحة ثم نوى قطعها والخروج منها بطلت وبهذا قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة: لا تبطل بذلك، لأنها عبادة صح دخوله فيها فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج.

ولنا: أنه قطع حكم النية قبل إتمام صلاته ففسدت، كما لو سلم ينوي الخروج منها، ولأن النية شرط من جميع الصلاة وقد قطعها بما حدث ففسدت لذهاب شرطها، وفارقت الحج، فإنه لا يخرج منه بمحظوراته ولا بمفسداته بخلاف الصلاة. انتهى.

فإذا تبين لك هذا فلم يكن يجوز لهذا الإمام أن ينوي قطع صلاته، لقوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم {محمد:33}.

وإذا عرض له خوف الرياء، فإن كان ذلك وسوسة فليعرض عنها وليطرحها، وإن كان شيئاً له حقيقة فليبادر بتصحيح نيته والاجتهاد في تحصيل الإخلاص، وقد فصلنا القول في أثر الرياء على الأعمال فانظره ـ للأهمية ـ في الفتويين رقم: 30366، ورقم: 13997، وانظر ـ كذلك ـ للفائدة الفتوى رقم: 52210.

أما وقد قطع هذا الإمام صلاته فقد أخطأ في ذلك كما بينا فلم يكن له التمادي في الخطإ ومضاعفته بالمضي في صلاة يعلم أنه قد أبطلها ووجب عليه الخروج منها واستئنافها، وقد كان يجب عليه أن يقدم الحياء من الله على الحياء من الناس، "فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين".

وقد قال صلى الله عليه وسلم: فالله أحق أن يستحيا منه.

والواجب عليه الآن هو التوبة إلى الله تعالى والندم على هذا الذنب والعزم على عدم العودة إلى مثله مرة أخرى، وبما أنه أعاد الصلاة التي أفسدها فقد برئت ذمته منها إذا كان قد أداها على الوجه الصحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني