السؤال
هل الذنب الذي ارتكبته والذي سوف أرتكبه مكتوب ومقضي ومحتم؟ حيث قال عمر الخيام: قد كان يدري الله كل فعالنا من يوم صور طيننا وبرانا لم نرتكب ذنبا بدون قضائه، فإذا لماذا ندخل النيران؟.
أفيدونا.
هل الذنب الذي ارتكبته والذي سوف أرتكبه مكتوب ومقضي ومحتم؟ حيث قال عمر الخيام: قد كان يدري الله كل فعالنا من يوم صور طيننا وبرانا لم نرتكب ذنبا بدون قضائه، فإذا لماذا ندخل النيران؟.
أفيدونا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن كل ما يقع في الكون من خير وشر قد كتبه الله وقدره منذ الأزل، روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
وفي الصحيحين عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار، قالوا: يا رسول الله فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، إلى قوله: فسنيسره للعسرى.
وكون الله قد كتب مقادير العباد ليس معناه أن الله يكره العباد على فعل المعاصي والسيئات، وإنما معناه أن الله تعالى علم في الأزل ما هم عاملون قبل أن يخلقهم، ثم إن الله تعالى قد أعطى لعباده مشيئة وقدرة وإرادة، وقد أثبت الله ذلك في آيات كثيرة منها: قوله تعالى: مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَة َ{آل عمران: 152}.
وقوله: فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ {الكهف:29}.
وقوله: فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا {النبأ:39}.
وقوله: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ {البقرة:286}.
وإن طلبت دليلا محسوسا على ذلك، فإن الإنسان يدرك الفرق بين ما فعله باختياره، كأكله وشربه وقيامه وقعوده، وبين ما فعله بغير اختياره، كارتعاشه من البرد والخوف ونحو ذلك، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته، لقول الله تعالى: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير:28 ، 29}.
وليس في هذا ما يستلزم الجبر.
فإذا تقرر أن العبد له إرادة وله قدرة وله مشيئة، وأنه هو الذي يذنب ويعصي، فحسابه يكون على ما يدخل تحت اختياره ومشيئته وبهذا يعلم أن السؤال: لماذا يدخل النار وأمثاله فيه خطر كبير.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 128141، ورقم: 107019.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني