السؤال
ما هو الحكم الشرعي إزاء الوباء لانفلونزة الخنازير وخاصة إزاء التلقيح ضد هذا المرض؟ مع العلم أنه يمكن أن يتسبب في أعراض جانبية خطيرة تخص الأعصاب قد تؤدي إلى الوفاة، ولكن هذه الإمكانية قليلة جدا، مع العلم ـ كذلك ـ أنه يمكن للإنسان أن يصاب بهذا المرض دون ضرر يذكر، إلا أنه يمكن أن ينقل العدوى إلى أناس آخرين من ذوي الأمراض المزمنة، فيكون سببا لوفاتهم، فما هو الحكم الشرعي في كل هذا؟ وهل الإنسان ملزم بهذا التلقيح لحماية نفسه وحماية الآخرين؟ وهل أصحاب الأمراض المزمنة ملزمون بالتلقيح لحماية أنفسهم رغم الإمكانية القليلة لحدوث أعراض جانبية خطيرة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننبه على أن كون هذا اللقاح له أعراض جانبية خفيفة أو خطيرة، ليس لأحاد الناس الحكم بذلك، فلا بد من الرجوع لأهل الاختصاص والخبرة، فهم الموكول إليهم تقدير ذلك وتقدير مدى مصلحته من مفسدته، ثم إن الإنسان لا يصاب بمرض أو غيره إلا بقدر الله تعالى وحكمته، والعدوى لا تؤثر بذاتها وطبيعتها، وإنما هي سبب يمضي الله عز وجل قدره من خلاله، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 52634، ورقم: 49913.
ومع ذلك، فقد شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم التحرز من الأدواء المعدية، وأرشد الأصحاء إلى مجانبة أهلها، كما سبق تفصيله في الفتاوى التالية أرقامها: 54449، 47651، 49913، كما سبق لنا بيان أن التطعيم ضد أي مرض يخشى انتشاره لا حرج فيه، وذلك في الفتوى رقم: 10079.
وأما مسالة وجوبه فلن يكون التطعيم أولى من التداوي في الحكم، وقد اختلف أهل العلم فيه هل هو خلاف الأولى؟ أم جائز؟ أم مستحب؟ أم واجب؟ وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 27266، 9729، 31887، 30645.
وقد تقتضي بعض الأحوال وجوب التطعيم كأن يلزم به ولي الأمر لمصلحة يراها أو يغلب على ظن هلاك من لم يتطعم في بعض البلدان والأحوال والأشخاص.
والله أعلم.