الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة الصادقة يمحو الله ما قبلها

السؤال

أنا فتاة مؤمنة أخاف الله وأحفظ أجزاء من القرآن ومتزوجة وعندي طفلان، وأهل زوجي أصحاب مشاكل ـ وككل الناس ـ كنت أشكو عنهم لصاحبتي، وشاءت الأقدار أن تعلم حماتي بالكلام فواجهتني به فاعترفت لهم أنني قلته، ولكن كانت هناك زيادة في الحكاية بأنني تكلمت عن ابنتها وأنها كانت على علاقة مع شخص قبل الزواج، فأنكرت الكلام، لأنني ـ فعلا ـ لم أقله، وقلت لها إن هذه أعراض الناس وأنا لا أفعل هكذا، فقالت لي هل تحلفين على القرآن الكريم؟ فقلت نعم، لأتحداها ولأبين براءتي، ولكنني في لحظه الحلف ـ لا أعرف من خوفي منهم ـ وأنا أعترف أنني أخطأت فقلت لم أقل عنكم شيئا ولا عن ابنتكم، ولم أعاتب نفسي، لأن الأمر قد اختلط علي فأنا لم أقل عن ابنتها ـ وأنا صادقة ـ ولكنني حلفت أنني لم أقل عنهم ـ أيضا ـ فكيف وأنا قبل قليل اعترفت وقلت لهم إنني قلت عنهم؟ وبعد سنة ـ تقريبا وبعد ولادتي بابني الثاني ـ بدأت أحس بجسمي يتغير واحترت مع الدكاترة فكلما أذهب إلى طبيب يقول إنني سليمة، وفجأة تذكرت أنني فعلت هذا الخطأ فجن جنوني، وأصبحت أحلم بآيات العذاب، وكلهم قالوا لي، لأنك حلفت على الكذب، ولم يهدأ لي بال ولم تذهب عني الأحلام إلا بعد ما أخذت حبوبا مهدئة، فعرفت أن تكفير ذلك الذنب هو رد الحقوق والاستغفار، فذهبت إلى حماتي وبينت لها أنني لم أقل عن ابنتها شيئا واستسمحتها، وذبح لي زوجي خروفا، وأنا الآن في كل يوم أقرأ سورة البقرة وأستغفر، ولكنني لا أشعر بالراحة والطمأنينة, وكلهم يقولون لي إنني أنا التي أعذب نفسي.
أرجوكم فأنا لا أنام الليل، وأريد من الله أن يغفر لي، فدلوني على ما أفعل؟ وهل أنا مريضة نفسيا؟ حتى إنهم قالوا لي بأنني إذا بقيت هكذا فسوف يذهب عقلي ـ لا سمح الله ـ ومضى لي على هذه الحالة 6أشهر، وقد تعبت، وكل من يراني يحس بأنني مهمومة ومتعبة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان ما وقع منك من الحلف كذبا غير متعمد، وإنما سبق لسان، فلا إثم عليك، فإن الخطأ معفو عنه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

رواه ابن ماجه.

وأما إن كنت تعمدت الحلف كذبا، فقد وقعت في الإثم، ومن سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنّه مهما عظم ذنب العبد ثمّ تاب توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى: 25}.

والتوبة الصادقة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

فإذا كنت قد تبت مما وقعت فيه من الحلف كذباً، فأبشري خيراً وهونّي على نفسك ولا تلتفتي لوساوس الشيطان واشغلي نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وأقبلي على ربّك وأحسني الظنّ به وتوكلي عليه، و لا مانع من مراجعة طبيب نفسي بشأن ما تعانين منه، مع المحافظة على الأذكار المسنونة والرقى المشروعة.

ولمزيد من الفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني