الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض فرفض العمرة ولبس المخيط ثم أهل من التنعيم واعتمر

السؤال

أحد الإخوة كان ذاهبا للعمرة العام الماضي فأصيب بحالة تتمثل في ألم في المعدة غير مفهوم يرافقه نزول دم من فتحة الشرج، لذلك اضطر إلى ارتداء قطعة من الملابس تحت ثوب الإحرام، وعندما ذهب الفوج إلى الفندق فوجئوا بأنه ليس لهم حجز مما أدى إلى بياتهم في العراء وزيادة تعب الأخ ومع ذلك جازف لأداء العمرة، وعند ما كان بالحرم نصح أخا تكلم في التليفون خلال الطواف فغضب ولكمه بشدة في بطنه
ولشدة التعب لم يستطع السعي بين الصفا والمرة واضطر للتحلل من الإحرام ولبس المخيط للنزف الشديد. وعندما استفتى في الأمر أجابوه أن يعيد ارتداء ملابس الإحرام ويذهب للسعي بين الصفا والمروة والتحلل مرة أخرى، وحاول أن يطبق ذلك ولكن لم يستطع الاستمرار في لبس ملابس الإحرام واضطر للتحلل ثانية، وعند ما استفتى ثانية قالوا إنه تلزمه الفدية ثلاثين ريالا ويلزمه إحرام جديد من مسجد السيدة عائشة، وقد طبق ذلك بفضل الله دفع فدية ستين ريالا ولكن عند ما عاد إلى هنا قال له بعض من ادعى العلم أن رحلته هذه للعمرة كانت للتنزه وأنه لم يعتمر قط لا في المرة الأولى -التي قطعها بالتحلل- ولا في الثانية -لأن مسجد السيدة عائشة ليس ميقاتاً- وأنه يلزمه ذبح خروف في مكة، ويتوجب عليه البقاء في لبس الإحرام إلى أن يذهب إلى السعودية مرة أخرى ليعتمر. فنرجو شيخنا الفاضل أن تفصل لنا الأمر هل هذه العمرة صحيحة ؟ وكيف تكون صحيحة وقد قطعها بالتحلل في الأولى والإحرام من غير الميقات في الثانية؟ وهل يجب على الأخ فدية الآن ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي أن يعلم أولا أن من تلبس بالإحرام فأحرم بحج أو عمرة فإنه لا يمكنه أن يخرج ويتحلل منه بمجرد لبس المخيط أو رفضه وقطع النية, ولا يتحلل من الإحرام إلا بواحد من ثلاث بينها العلامة ابن عثيمين رحمه الله بقوله: لا يمكن الخروج من النسك إلا بواحد من ثلاثة أمور وهي: الأول: إتمام النسك. الثاني: التحلل إن شرط ووجد الشرط. الثالث: الحصر... اهـ من الشرح الممتع.

فالشخص المشار إليه عند ما عجز عن إتمام العمرة ولبس ثيابه في المرة الأولى وفي الثانية رافضا إحرامه فإنه لا يزال باقيا على إحرامه ولا يحتاج إلى إعادة إحرام من التنعيم, ولا عبرة بإحرامه من التنعيم لأنه لم يتحلل من الإحرام الأول, فإن كان أتم عمرته أخيرا فقد تحلل من إحرامه وصحت عمرته إلا أنه يلزمه فدية عن لبس المخيط, والفدية صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، كما قال تعالى:... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ .. {البقرة:196}.

وإن كان رجع إلى بلده قبل أن يتم عمرته فهو باق على إحرامه ويلزمه خلع ثيابه ولبس ملابس الإحرام والعودة إلى مكة لإتمام العمرة, فإن عجز عن الرجوع فهو محصر يتحلل تحلل المحصر, فيذبح هديا – شاة أو سبع بدنة - لقول الله تعالى: .. فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.. {البقرة: 196}. ويحلق أو يقصر, ولا يتحلل قبل ذبح الهدي, و يذبح الهدي في بلده الذي هو فيه ولا يلزمه أن يذبحها في مكة, وانظري الفتوى رقم: 116129 عن من أحرم بالعمرة فمرض فخلع الإحرام وعاد إلى بلده, والفتوى رقم: 118394في ما يجب على من خلع لباس الإحرام ورجع لبلده قبل أداء المناسك, والفتوى رقم: 11961.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني