السؤال
توجد أم عندها مبلغ من المال تنوي أن تقسمه على أولادها وبناتها. هل تقسم المبلغ عليهم بالتساوي أو مثل قسمة الميراث؟ عندها أحد أولادها لا يصلها ولا يحسن إليها وهي لا تنوي أن تعطيه من المبلغ ما حكم الشرع في ذلك؟
توجد أم عندها مبلغ من المال تنوي أن تقسمه على أولادها وبناتها. هل تقسم المبلغ عليهم بالتساوي أو مثل قسمة الميراث؟ عندها أحد أولادها لا يصلها ولا يحسن إليها وهي لا تنوي أن تعطيه من المبلغ ما حكم الشرع في ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على هذه المرأة أن تعدل بين أولادها في عطيتها وهل العدل أن تعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كقسمة الميراث أم تعطي الذكر كالأنثى؟ في هذا خلاف بين العلماء وقد فصل ابن قدامة رحمه الله هذا الخلاف فقال : ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية وكراهة التفضيل، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل، إذا ثبت هذا فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وبهذا قال عطاء وشريح وإسحاق ومحمد بن الحسن. قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده: ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه. وقال عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المبارك: تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد: سو بينهم. وعلل ذلك بقوله: أيسرك أن يستووا في برك؟ قال: نعم، قال: فسو بينهم والبنت كالابن في استحقاق برها وكذلك في عطيتها، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مؤثراً لآثرت النساء على الرجال. رواه سعيد في سننه. ولأنها عطية في الحياة فاستوى فيها الذكر والأنثى كالنفقة والكسوة.
ولنا أن الله تعالى قسم بينهم فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وأولى ما اقتدى بقسمة الله، ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين كحالة الموت. انتهى.
وقد رجحنا قول الجمهور في هذه المسألة في الفتوى رقم: 27543، وعليه فينبغي لهذه المرأة أن تسوي بين أولادها فتعطي الذكر كالأنثى، وأما منعها ولدها من عطيتها فإنه إن كان عاقاً لها جاز منعه من العطية لكون العقوق من الفسق، والفسق من الأسباب المبيحة للحرمان من العطية كما رجح ذلك ابن قدامة رحمه الله.
قال في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل والتخصيص على كل حال لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل بشيرا في عطيته، والأول أولى إن شاء الله لحديث أبي بكر، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية فجاز أن يختص بها كما لو اختص القرابة وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها. انتهى.
ولكننا ننصح هذه المرأة بألا تحرم ولدها ذاك من عطيتها لئلا توغر صدره على إخوته، ولئلا تحمله على المزيد من عقوقها وخروجاً من خلاف من منع ذلك، وعليها أن تناصحه برفق وتبين له حق الوالدة وأنه من آكد الحقوق، كما ينبغي على إخوته أن يناصحوه في هذا الأمر لعل الله أن يهديه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني