الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب الزكاة في المال المعد لقضاء مصلحة ضرورية

السؤال

إني موظف لا أملك شيئا، باعت والدتي قطعة أرض صغيرة لكي أبني مسكنا صغيرا وسلمتني المال، ومنذ ذلك الحين وأنا أسعى وراء رخصة البناء لكن ومع التعقيدات الإدارية مازلت في انتظار الرخصة ومر حول وأنا في السعي بين الإدارات. فهل يجب علي الزكاة مع العلم أن مرتبي لا يفي بالكراء ومتطلبات الحياة وأسحب من حين لآخر قليلا من مبلغ البناء للعيش. الرجاء ذكر الاختلافات في المسألة إن وجدت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا بلغ هذا المال نصابا بنفسه أو بضمه إلى ما تملكه من نقود وحال عليه الحول الهجري دون أن ينقص عن النصاب فالزكاة واجبة فيه، سواء كان مدخرا لبناء مسكن أو غيره، وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب تزكية المال إذا بلغ نصابا، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. {التوبة: 34}. وقال صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا أحميت يوم القيامة فجعلت صفائح من نار فكوي بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. أخرجه مسلم.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: المال المدخر للزواج أو لبناء مسكن أو غير ذلك تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، سواء كان ذهبا أو فضة أو عملة ورقية، لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة فيما بلغ نصابا وحال عليه الحول من غير استثناء. انتهى.

وخالف في هذا فقهاء الحنفية فلم يوجبوا الزكاة في المال المرصد للحاجات الأصلية ومنها المسكن، لأن المال المعد للحاجات الأصلية كالمعدوم.

جاء في البحر الرائق لابن نجيم: وَشَرَطَ فَرَاغَهُ عن الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَشْغُولَ بها كَالْمَعْدُومِ، وَفَسَّرَهَا في شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ بِمَا يَدْفَعُ الْهَلَاكَ عن الْإِنْسَانِ تَحْقِيقًا أو تَقْدِيرًا فَالثَّانِي كَالدَّيْنِ وَالْأَوَّلُ كَالنَّفَقَةِ وَدُورِ السكني وَآلَاتِ الْحَرْبِ وَالثِّيَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِدَفْعِ الْحَرِّ أو الْبَرْدِ، وَكَآلَاتِ الْحِرْفَةِ وَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا، فإذا كان له دَرَاهِمُ مُسْتَحَقَّةٌ لِيَصْرِفَهَا إلَى تِلْكَ الْحَوَائِجِ صَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ كما أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَحَقَّ لِصَرْفِهِ إلَى الْعَطَشِ كان كَالْمَعْدُومِ وَجَازَ عِنْدَهُ التَّيَمُّمُ. انتهى.

فعلى قولهم لا زكاة عليك في هذا المال، وعلى قول الجمهور فالزكاة واجبة عليك إذا كان المال قد بلغ النصاب وحال عليه الحول الهجري لاكتمال شروط الزكاة، وقول الجمهور أرجح لموافقته العمومات، ولكونه أحوط وأبرأ للذمة، وأيضا فإن الزكاة لا تنقص المال بل تزيده وتنميه كما قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. {سبإ: 39}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني