السؤال
والدي توفي، وكنت قبل موته أغلظت له في الكلام، فغضب مني، وهذا موقف عارض، مع العلم أنني كنت أجتهد في إرضائه، وكان يحبني ويأخذ برأيي في أي شيء، وكنت أفعل ما يطلبه مني، فكيف أستطيع إرضاءه وطلب السماح والمغفرة منه على أسلوبي معه؟
والدي توفي، وكنت قبل موته أغلظت له في الكلام، فغضب مني، وهذا موقف عارض، مع العلم أنني كنت أجتهد في إرضائه، وكان يحبني ويأخذ برأيي في أي شيء، وكنت أفعل ما يطلبه مني، فكيف أستطيع إرضاءه وطلب السماح والمغفرة منه على أسلوبي معه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمرنا الله بمخاطبة الوالدين بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، قال تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}، قال القرطبي: وقل لهما قولاً كريماً أي لينا لطيفاً مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولاً كريماً ما هذا القول الكريم، قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. الجامع لأحكام القرآن.
لكن الإنسان إذا كان حريصاً على بر والديه مجتهداً في طلب مرضاتهما ابتغاء وجه الله، فإنه بعد ذلك إذا بدر منه شيء من التقصير في حقهما فإن ذلك مظنة العفو من الله، قال الله تعالى: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}، قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأساً، قال الله تعالى: إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ. اي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا. وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. الجامع لأحكام القرآن.
فإذا كان الحال كما ذكرت من برك بوالدك في حياته ورضاه عنك، فنرجو أن يكون ما صدر منك في حقه مظنة العفو -بإذن الله-
واعلم أن الإنسان يمكنه أن يستدرك ما فاته من بر والديه بعد موتهما، ومما يمكنك فعله من بر والدك بعد موته: الدعاء والاستغفار له والصدقة عنه وصلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 18806.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني