السؤال
هل يجوز مناداة عمي الذى تزوج أمي بعد وفاة والدي بالوالد أو أبي أو بابا أو ما إلى ذلك؟ يجب الإشارة إلى أن قليلا من الناس يعلم أنه عمي لكنهم أيضا يتحدثون معنا على أساس أنه الأب, حتى بعض أعمامي وأقربائي.هل علي بره والإحسان إليه على أنه أحد الوالدين؟هل ينطبق علينا وعليه أحكام الابن والأب، وإلى أي مدى؟كيف يجب علي معاملته إن ظلمني أو أساء إلي؟هل ينالني إثم إن لم أبره أو أطعه؟ مع العلم أني أبلغ من العمر 27 عاما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز لك مناداة عمك بالوالد لأنه في منزلة الأب من جهة التوقير والاحترام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: العم والد. حسنه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير.
قال المناوي في فيض القدير: (العم والد) أي هو نازل منزلته في وجوب الاحترام والإعظام لتفرعهما عن أصل واحد، وهذا خرج مخرج الزجر عن عقوقه. انتهى.
والعم يستوجب الاحترام والتوقير لكنه لا ينزل منزلة الأب من حيث وجوب البر والطاعة وحرمة العقوق، وبالتالي فلا تجب عليك طاعته ولا تأثم بعدم بره، لكن تجب عليك صلته بالمعروف.
قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وظاهر أن الأولاد والأعمام من الأرحام وكذا الخالة فيأتي فيهم وفيها ما تقرر من الفرق بين قطعهم وعقوق الوالدين. وأما قول الزركشي صح في الحديث: أن الخالة بمنزلة الأم وأن عم الرجل صنو أبيه. وقضيتهما أنهما مثل الأب والأم حتى في العقوق فبعيد جدا وليس قضيتهما ذلك, إذ لا عموم فيهما ولا تعرض لخصوص العقوق فيكفي تشابههما في أمر ما كالحضانة تثبت للخالة كما تثبت للأم وكذا المحرمية وتأكد الرعاية وكالإكرام في العم والمحرمية وغيرهما مما ذكر.
وأما إلحاقهما بهما في أن عقوقهما كعقوقهما فهو مع كونه غير مصرح به في الحديث مناف لكلام أئمتنا فلا معول عليه, بل الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن الوالدين اختصا من الرعاية والاحترام والطواعية والإحسان بأمر عظيم جدا وغاية رفيعة لم يصل إليها أحد من بقية الأقارب, ويلزم من ذلك أنه يكتفى في عقوقهما وكونه فسقا بما لا يكتفى به في عقوق غيرهما. انتهى.
والعم تجب صلته بحسب ما جرى العرف به في بلدك كما قدمنا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11449. والفتوى رقم: 132259.
ولو افترض أنه ظلمك أو أساء إليك فمعاملته حينئذ لا تختلف عن معاملة المظلوم للظالم في عمومها، فمن الأفضل العفو والصفح عنه ومقابلة ذلك بالإحسان والإكرام، فهذه منزلة عظيمة قلَّ أن يصل إليها إلا أهل الصبر والفضل العظيم، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 113608.
ويجوز لك أن تعامله بمثل ظلمه وإساءته إن شئت من غير زيادة على ما صدر منه قال القرطبي في تفسيره: ثم اختلفوا في كيفية الجهر بالسوء وما هو المباح من ذلك فقال الحسن: هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع عليه ولكن ليقل: اللهم أعني عليه اللهم استخرج حقي اللهم حل بينه وبين ما يريد من ظلمي فهذا دعاء المدافعة وهي أقل منازل السوء، وقال ابن عباس وغيره: المباح لمن ظلم أن يدعو على من ظلمه، وإن صبر فهو خير له، فهذا إطلاق في نوع الدعاء على الظالم، وقال أيضاً هو والسدي: لا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بمثل ظلمه ويجهر له بالسوء من القول. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 130331.
والله أعلم.