السؤال
أرجوك الإجابة فأنا في كرب شديد لا يعلمه إلا الله، فأنا منذ عامين قمنا بالعقد الشرعي بكامل شروطه وأركانه مع خطيبي، ومن المقرر الزواج في الأيام القادمة، إلا أنه جاءت أم خطيبي لمنزلنا وأخطأت في حق أمي وفي حقي، وقالت لنا كلاما غير لائق، وخطيبي لم يتخذ موقفا مع أمه، فألغينا الزواج، وحتى خطيبي طلب الصلح وأمي رفضت؛ لأن أمه أهانتنا، فمن حقي أن أفسخ العقد وأطلب الطلاق هل هذا حلال أم حرام؟ لأني لا أريد غضب الله. وأمي قالت لي لن أرضى عليك إن تزوجته، لأن عائلته سيئة وأمه أهانتنا، ومع العلم أنه شاب ملتزم يخاف الله قدر المستطاع، فأنا في حيرة كبيرة أرجوك دلني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاءت أحكام الشريعة الغراء جميعها مبنية على الصدق والعدل , ومما قررته الشريعة من أحكام العدل والقسط أنه لا تكسب كل نفس إلا عليها, ولا تزر وازرة وزر أخرى, من هنا يتبين أنه لا يجوز لكم أن تحاسبوا زوجك على خطأ أمه معكم، فإذا كانت أمه هي المخطئة فهي التي تطالب بتصحيح خطئها، وعلى ابنها أن يذكرها بذلك ويطالبها بالاعتذار على أن يكون ذلك بلطف ولين وبما يليق بأمه من التعظيم والتبجيل.
من هنا يظهر أن موقفكم غير صحيح وأنه مخالف لشرع الله سبحانه إذ بمجرد وقوع العقد الشرعي فإن الزوج يملك أمر الدخول بزوجته، وليس لأحد أن يحول بينه وبين ذلك. جاء في شرح منتهى الإرادات: [( ويجب بعقد تسليمها ) أي الزوجة ( ببيت زوج إن طلبها )] انتهى.
ولا تملك الزوجة ولا أهلها تأجيل الدخول إلا في الزمن اليسير الذي جرت به العادة لتجهز نفسها. قال البهوتي في كتابه دقائق أولي النهى: ومن استمهل منهما أي الزوجين الآخر، لزم إمهاله، أي زمنا جرت عادة بإصلاح أمره، أي المستمهل فيه كاليومين والثلاثة، طلباً لليسر والسهولة، ويرجع في ذلك للعرف، لأنه لا تقدير فيه، ولا يمهل من طلب المهلة منهما لعمل جهاز، بفتح الجيم وكسرها. انتهى.
وعليه، فلا يحق لك فسخ العقد، بل ولا يجوز لك طلب الطلاق بسبب ما حدث؛ لأن طلب الطلاق من غير بأس أمر محظور، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أبو داود.
وما تطلبه منك أمك من فراق زوجك غير جائز وهو من التخبيب المحرم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم فعل الشياطين.. انتهى.
فعليك أن تبيني هذا لأمك بأسلوب لين رفيق، فإن أصرت على موقفها فلا يجوز لك طاعتها، وإنما تطيعي زوجك فهو أولى بك من أمك وجميع أهلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 53320.
والله أعلم.