السؤال
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله, أنا شاب في 26 من عمري لا أعرف ما هو هدفي في الحياة, أغلقت الأبواب في وجهي, أعيش وحيدا بعيدا عن العائلة، لم أجد الزوجة التي أبحث عنها، أنا أعيش في بلاد عربية الحجاب ممنوع النقاب ممنوع، الاختلاط مفروض علي في الدراسة في العمل المتبرجات في كل مكان, أوقفت من قبل الشرطة بعد خروجي من المسجد في صلاة الصبح لا مجال لطلب العلم, المناهج التعليمية ساذجة, الحالة المادية رديئة رغم أني مهندس, البنوك ربوية أصبحت أكره المسجد مساجد متسخة ليست نظيفة لا تمثل الإسلام في أي شيء. كيف يمكن لي أن أحسن من نفسي؟ كيف يمكن لي أن أبني على الأقل أسرة مسلمة؟ هل سأمنع بناتي من الدراسة لمنعهم الحجاب؟
أين أجد الزوجة الصالحة؟أشعر أني لست متوازنا نفسي مضطربة أأتزوج متبرجة؟ أين أدرس أبنائي؟ ماذا قدمت أنا للإسلام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن ما يذكره السائل الكريم أمر جسيم، وكرب ومحنة وبلاء عظيم، ولكن ليس هذا بالأمر المستغرب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان، الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
ولا ريب أن الله تعالى لا يضيع أجر هؤلاء القابضين على الجمر، بل يضاعف لهم الأجر بقدر بلائهم وصبرهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم. قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم.
وفي رواية: الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني.
وليس معنى ذلك أن مثوبة الله لهذا الصنف الفريد من الناس، قاصرة على الآخرة، بل حتى في الدنيا تدركهم ألطاف الله، وتنزل عليهم معونته، وتغشاهم سحائب رحمته، فإن تقوى الله تعالى وإن كانت تضيق على صاحبها في البداية اختبارا وامتحانا، إلا أنها توسع عليه في النهاية، وتكون خيرا في العاقبة، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. {العنكبوت: 69}. وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا * ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * {الطلاق:2-4}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء. رواه البزار، وحسنه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
فلتصبر أخي الكريم، ولتتق الله ما استطعت، ثم لتبشر بالفرج فإن وعد الله لا يتخلف، وخزائنه لا تنفد، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد، وصححه الألباني. ولك في الأنبياء والصالحين أسوة حسنة في مواجهة الابتلاء، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 64559.
وقد سبق لنا أيضا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10800، 1208، 25324، 18074.
وأما بالنسبة لمسألة الزواج فننصحك بالجد في البحث عن امرأة متدينة تعينك على أمر دينك ودنياك، ولن تعدم خيرا ما اتقيت الله وأحسنت وصبرت، وراجع الفتويين: 1422، 8757.
والله أعلم.