الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإخوة من الأرحام الذين تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم بإجماع أهل العلم، وقد بينا هذا في الفتوى رقم:11449 ، ضمن الحديث عن ماهية الرحم التي تجب صلتها.
والواجب على المسلم أن يصل أرحامه، وأن يعين غيره على وصل أرحامهم - خصوصا إذا كانوا من رعيته - لا أن يكون حجر عثرة دون التواصل بين الأقارب والأرحام، فإن هذا نوع من الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وهو من صفات المنافقين.
والزوجة والأبناء هم رعية الرجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.... الحديث رواه البخاري ومسلم.
ومنع الرجل أهل زوجته الأقربين - كوالديها وأجدادها وإخوتها من النسب وأولادها من غير زوجها - من الدخول عليها غير جائز، قال في الدردير في الشرح الصغير: وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع، فله المنع منه. انتهى
ويستثنى من ذلك ما إذا علم الزوج – بيقين أو غلبة ظن - أنهم سيفسدون عليه زوجته أو سيلحق به الضرر بسبب زيارتهم هذه، فله حينئذ منعهم. قال المرداوي في الإنصاف -حنبلي-: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع ، وإلا فلا. انتهى
ولكن لا يجوز له أن يمنع زوجته من أهلها لمجرد شكوك وأوهام لا تستند إلى أدلة أو قرائن، فإن هذا من ظن السوء الذي أمر الله باجتنابه.
والذي ننصحك به في هذا المقام هو أن تصبري على زوجك، وأن تديمي له النصح والدعاء أن يصلح الله له الحال والبال، ويجوز لك أن تتواصلي مع أخواتك بدون علمه، وذلك بالاتصال بالهاتف ونحوه؛ لأن الصلة لا تقتضي بالضرورة التزاور، بل تحصل الصلة بالاتصال والمراسلة ونحو ذلك مما يعد معه الإنسان غير قاطع لرحمه، وإن كانت الصلة درجات بعضها أفضل من بعض. قال القاضي عياض: "وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلاً" انتهى.
ويمكنك أيضا أن تتفقي مع إخوتك على التلاقي في بيت العائلة بحيث تقابلينهم وتطمئنين عليهم مع إخفاء هذا عن زوجك، وهذا جائز لا حرج فيه إن شاء الله.
أما سبه لك ولأختك بألفاظ جارحة فهذا حرام لا خلاف في حرمته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه.
وسبق أن بينا أن اعتداء الزوج على زوجته دون سبب يعتبر من كبائر الذنوب.
وليعلم هذا الزوج أن الله سبحانه أمر الأزواج بمعاشرة أزواجهم بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف } النساء:19} وقد قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
وقد نص أهل العلم على أن إيذاء الزوج لزوجته وإضراره بها بالسب ونحوه مما يبيح لها طلب الطلاق منه، وفي ذلك يقول الدردير –رحمه الله - في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى
ويراجع الكلام عن حكم الدعاء بـ " حسبنا الله ونعم الوكيل" في الفتوى رقم: 11808 ، 105360.
والله أعلم.