الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصر وجمع الصلاة بدون تحري المسافة

السؤال

أنا إنسان بصراحة أميل إلى الحرص على الأخذ بالرأي الأحوط في أي مسألة خلافية اختلف فيها العلماء كالجمع والقصر في السفر خصوصا إذا ذهبت إلى إحدى المحافظات القريبة من الرياض كمحافظة حريملاء وأريد أن لا أدقق هل هذا في عرف الناس سفر أم لا وكذلك مسافة الأخذ برخص السفر تقريبا 83 كيلو مترا التي ذكرها بعض العلماء وأنا أحاول أن أدرب نفسي على اليسر في الدين خصوصا أنه يصيبني شيء من الوسوسة في عباداتي وأنا أحاول التحاشي للذهاب للسفر أو من أسباب ترددي في أني أسافر مع ناس إلى محافظة كمحافظة حريملاء وغيرها لأنهم إذا ذهبوا أحيانا يجمعون ويقصرون وأحدهم يقول اجمع واقصر لو تجلس شهرا عند الناس الذين ذاهب أنت لهم رغم أنه يوجد مسجد قريب و نذهب أحيانا إلى بر هذه المحافظة للتنزه ورغم أنني أنحرج عندما يقولون سوف نجمع ونقصر وأضطر أحيانا أن أجمع وأقصر وأكون أنا إمامهم ثم بعد ذلك إذا رجعت للبيت الذي في المدينة التي أنا مستقر فيها(مدينه الرياض ) أعيد تلك الصلاة أو الصلوات التي جمعتها ورغم أننا في الغالب نمكث يوما أو يومين إلا في بعض المناسبات كالعيد فإننا نمكث تقريبا أسبوعا فالذي أريد أن أسأله سوف أعزم على تطبيق رخصة الجمع والقصر في الصلاة ولن أدقق كم تبعد تلك المحافظة هل وصلت ثلاثة وثمانين كيلو مترا أو أن الناس في عرفهم سفر أم لا وأريد أن أتخلص أو أخفف من الأحوط في العبادات إذا كان الأمر فيه اختلاف لكن أخشى أن ينطبق علي أنني أتتبع الرخص ولا تقبل عباداتي خصوصا الصلاة المفروضة...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في أن احتياط المرء لدينه وعمله بالقول الذي به يخرج من خلاف العلماء من الأمور الحسنة التي يحمد صاحبها لدلالته على الورع، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن بنته الحسن رضي الله عنه بقوله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وشرع صلى الله عليه وسلم لأمته اتقاء الشبهات فقال: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، متفق عليه، ويتأكد هذا الأمر -وهو الأخذ بالأحوط- إذا كان الخلاف قويا وكانت الأدلة في المسألة متكافئة.

ولكن على المسلم أن يتوسط فلا يقوده هذا الاحتياط إلى التنطع والدخول في حد الوسوسة، وهذه المسألة -التي كثر منك السؤال حولها- من المسائل التي يتأكد فيها الأخذ بالأحوط لمن لم يترجح له قول من الأقوال، ووجه ذلك أن جمهور العلماء يرون أن القصر سنة ومن أتم في السفر فصلاته صحيحة، وأما الجمع فهو رخصة تركها أولى، فإذا قصرت وجمعت في هذه المسافة المختلف في كونها سفرا كانت صلاتك باطلة عند الجمهور إذا لم تبلغ المسافة المعتبرة وهي أربعة برد أو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا تقريبا، وإذا أتممت فصلاتك صحيحة عند الجميع، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنك تقول إنك ستقصر دون أن تتحرى هل بلغت المسافة ما هو معتمد عند الجمهور أو هل هذا سفر عرفا أو لا؟ فبقول من إذن ستعمل؟ اعلم أيها الأخ الكريم أنه لا يجوز لك الترخص برخص السفر إلا إذا تحققت من توافر الشروط المعتبرة لإباحة الترخص، وأما الإعراض عن ذلك بزعم التخفيف أو نحو ذلك فلا يسوغ، فإن كنت ترى رجحان القول باعتبار العرف وكنت من أهل الترجيح أو تقلد من يفتي بذلك فلك الأخذ بقوله شريطة أن تتحقق من وجود الشرط وهو كون هذه المسافة تعد سفرا في العرف، وإن اختلف العرف أو لم ينضبط فقد نص الشيخ العثيمين وهو ممن يرجح الرجوع في هذا إلى العرف على أنه يرجع في هذه الحال إلى المسافة المعتبرة عند الجمهور وانظر الفتوى رقم: 136550، وأما ما ذكرته من تحرجك من مخالفة الجماعة فليس ذلك بعذر يبيح لك الترخص حيث لم توجد شروطه، بل إنك تذكر لهم مذهبك في المسألة وأنك تقلد فيها الجمهور مثلا، فإن وافقوك فبها، وإلا فصل أنت الصلاة لوقتها تامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني