السؤال
أعلم حديثًا للرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيه: إن جبريل نهاني أن أصلي على من عليه دين. لكنني أرى أن الإمام لا يسأل إذا أراد أن يصلي على جنازة. فهل الحديث صحيح أم لا؟ وإذا كان صحيحاً فلماذا يصلي على كل ميت دون أن يسأل أهله؟
وشكرًا، وأرجو الإجابة على بريدي الإلكتروني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه فضلاً؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاءً صلى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله الفتوح قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين، فترك ديناً فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته. وهذا الحديث يدل على وجوب الصلاة على الميت وإن كان مديناً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليه وأمر المسلمين بها، قال ابن حجر: (قال العلماء: كأن الذي فعله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دين، ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم). انظر فتح الباري.
وقد ذكر بعض العلماء أنه يجوز للعلماء وذوي الهيئات أن يفعلوا كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم زجراً لأصحاب الذنوب والمعاصي.
قال ابن تيمية في الاختيارات: (ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجراً لأمثاله عن مثل فعله كان حسناً، ولو امتنع في الظاهر، ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين، كان أولى من تفويت إحداهما). اهـ.
وقال في الفتاوى الكبرى: (ويستدل بذلك على أنه يجوز لذوي الفضل ترك الصلاة على ذوي الكبائر والدعاة إلى البدع، وإن كانت الصلاة عليهم جائزة في الجملة) اهـ.
وقد ذهب جمع من العلماء إلى أن ترك الصلاة على المدين منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك ديناً فعلي قضاؤه. كما نقله ابن حجر في الفتح عن ابن بطال، وذكره ابن قدامة في المغني، وقال المنذري في الترغيب والترهيب: (قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين، ثم نسخ ذلك). اهـ.
والراجح -والله أعلم- أن الحكم منسوخ، وأن ترك الصلاة عليهم كان في بادئ الأمر زجراً لهم وتأديباً، وبياناً لخطر الدين، فلما فتح الله على عباده المسلمين تركه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلو قال قائل: إن الأمر يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً، إذ يجوز للعالم المشهور ترك الصلاة على بعض المدينين زجراً لغيرهم وتخويفاً لهم، لكان لقوله حظ ونصيب من صواب، ويشهد له كلام شيخ الإسلام ابن تيمية المتقدم.
وأما عن اللفظ الذي ذكرته فهو في الواقع جزء من حديث رواه أبو يعلى، وقال عنه الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم.
والله أعلم.