السؤال
أنا كنت أتعاطي الخمر والمخدرات والنساء، ثم حدثت لي أزمة قلبية من حينها، وقمت بترك الخمر والمخدرات وكنت أحاول ترك التدخين وأتقرب إلى الصلاة ولكن لم أكن أداوم، ثم شاء الله أن يسافر أخي للسعودية للعمل بها وهو متدين، فأراد أهلي أن أقوم بالسفر إلى بيت الله لأداء فريضة العمرة، والدعاء لكي يكفر الله لي ذنوبي، وأن يهديني. ثم تركت. رجعت إلى شرب المخدرات يومين وعدت إلى رشدي وأقسمت ألا أقترب منها، ولكن كنت أذهب إلى أصدقائي وجاء يوم 10/7 توجهت إلى أحد الأصدقاء وكان يشرب بيرة وأغراني وقمت بشرب كوب معه، ثم قال لي أحد الأصدقاء إني ذاهب لأداء فريضة العمرة في شهر رمضان وأنني لا تقبل مني صلاة ولا صيام 40، ولا دعاء بسبب ما فعلته. فأرجو الرد علي، وأن يكون هناك حل، فأنا لا أريد أن تكون أول توبتي بترك أيام من شهر رمضان الكريم، وأنا شاب أبلغ 20 عاما، وقد بقي 30 يوما علي شهر رمضان، وتضيع مني 10 أيام في شهر رمضان. فكيف أستطيع أداء فريضة العمرة وأنا مكره. أرجو إفادتي؟
وهذا سؤال ثان أرجو أن يرشدني أحد فيه: أنا منذ أن تركت مصاحبة الفتيات وممارسة الفاحشة، وأنا مدمن على العادة السرية ثم أتركها لفترة، وفي هذه الفترة يأتيني في المنام كوابيس وأنا مع إحدى هؤلاء الفتيات وأحتلم من مرة إلى 3 يوميا أو مرة واحدة في أقل التقدير. أرجو سرعه الرد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أيها السائل أنك على خطر عظيم ما دمت تشرب الخمر وتصاحب الفساق، وأن التوبة واجبة عليك فورا, وأول خطوة في طريق التوبة هي البعد عن أصحاب السوء فإنهم السبب - كما فهمنا من السؤال - في رجوعك إلى شرب الخمر، ولا يبعد أن يكونوا سببا أيضا في رجوعك إلى الذنوب الأخرى التي تركتها. وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ. رواه أبو داود.
والمعنى أن المرء عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ, فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلَاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ, فاتق الله أيها السائل، وابتعد عن رفقاء السوء، فإن صداقتهم ستنقلب عداوة يوم القيامة كما قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ. { الزخرف : 67 }.
قال البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية: الأخِلاءُ على المعصية في الدنيا، { يَوْمَئِذٍ } يوم القيامة، { بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ }.. اهـ.
وقال السعدي رحمه الله : الأخلاء يومئذ، أي: يوم القيامة، المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية اللّه { بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ... }. اهـ.
فاهجر أصحابك السوء شاربي الخمر ومعاقري المخدرات وسيصلح حالك بإذن الله .
وأما مسالة عدم قبول صلاة شارب الخمر أربعين يوما فإن الحديث الوارد فيها صحيح، وقد ذكرنا أن معناه أنه لا يثاب عليها، ومع عدم الإثابة عليها فإنه لا يجوز له تركها ولا ترك شيء من الطاعات الأخرى. وهو- ولو لم يثب على صلاته- فإن ذمته تبرأ منها ويسقط عنه طلب فعلها إذا فعلها مكتملة الشروط والأركان كما فصلناه في الفتوى رقم: 23674.
ولكن هذا الوعيد ليس في حق التائب من شربها، وإنما هو في حق المصر على شربها.
قال المباركفوري في شرح الترمذي عند شرحه للحديث المشار إليه : قوله ( من شرب الخمر ) أي ولم يتب منه ( لم تقبل له صلاة ). اهـ .
وأما من تاب فإن الله تعالى يتوب عليه، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه والطبراني وحسنه الحافظ والألباني.
والمعنى أن الذي تاب من الذنب حاله كحال الذي لم يرتكب الذنب أي في عدم المؤاخذة، فتب إلى الله تعالى من شرب الخمر ومن صحبة الفساق ومن العادة السرية ومن سائر الذنوب، وسيقبل الله صلاتك في الأربعين يوما ويثيبك عليها، واذهب إلى العمرة واجتهد في الدعاء أن يقبل الله توبتك. وانظر الفتوى رقم: 29785 عن شروط التوبة، والفتوى رقم: 7170 عن حكم العادة السرية .
والله أعلم.