السؤال
سمعت هذا الحديث فأردت التأكد من صحته: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان. والساكت عن المنكر كفاعله. هل هذا الحديث صحيح؟
سمعت هذا الحديث فأردت التأكد من صحته: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان. والساكت عن المنكر كفاعله. هل هذا الحديث صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الحديث عدا الجملة الأخيرة منه، ثابت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وأما الجملة الأخيرة: "الساكت عن المنكر كفاعله " فلم نجد لها أصلا. وهي من حيث المعنى لا تصح أيضا، فليس كل ساكت عن المنكر له حكم فاعله، بدلالة حديث أبي سعيد السابق؛ حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم المرتبة الثالثة من مراتب إنكار المنكر: الإنكار بالقلب.
ولو قيل: (المقر للمنكر كفاعله) أو (الراضي بالمنكر كفاعله ) لكان صحيحا من حيث المعنى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
قال العظيم آبادي في (عون المعبود): أي في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما. اهـ.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم. قال السيوطي في (الديباج): أي هو المؤاخذ المعاقب. اهـ.
وقال ابن عبد البر في (التمهيد): من ضعف لزمه التغيير بقلبه، فإن لم يغير بقلبه فقد رضي وتابع. اهـ.
وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم، لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. اهـ.
وإنما الذي روي في هذا التشبيه بالفاعل، ما رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في (المعرفة والتاريخ)، وأبو نعيم في (معرفة الصحابة) من حديث يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآمر بالمعروف كفاعله.
قال المناوي في (فيض القدير): فيه عمر بن إسماعيل بن مجالد، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال النسائي والدارقطني: متروك. عن يعلى بن الأشدق قال البخاري وغيره: لا يكتب حديثه. اهـ. وعزاه الألباني للديلمي وقال: موضوع. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني