السؤال
يقوم أخي بالتجارة بمالي، وتجارته على النحو التالي: يأتيه ـ مثلاً ـ شخص يريد أن يشتري ثلاجة أو ما شابهها بقيمة ألف دينار أردني، فيتفق معه على كيفية سداد المبلغ، حيث إنه يأخذ نسبة الربح 30% في السنة، وبعد الاتفاق على المدة التي سوف يقوم الشخص بتسديد المبلغ فيها، يقوم هذا الشخص بالتوقيع على الشيكات ويحضر ـ أيضاً ـ كفيله للتوقيع، فيكون هناك توقيع على المبلغ من الشخص وكفيله، وبعدها يذهب أخي إلى السوق ويشتري له ما تم الاتفاق على شرائه ويحضره إليه ويقوم بتسليمه إياه، كما أنه انتشرت عندنا عملية قروض البطاقات الخلوية من أجل الحصول على المال بقصد إصرافها أو استثمارها في مشروع آخر، فمثلاً: يأتي شخص إلينا ويطلب قرض بطاقات بقيمة ألف دينار، فيتم توقيعه وكفيله على الشيكات أو الضمانات المالية وإعطاؤها إياه، فيأخذها ويذهب إلى مكان آخر ليقوم ببيعها إلى شخص آخر بقصد الحصول على المال، وهذا النوع يسمى عندنا التكييش، فما حكم العمل الذي يعمل فيه أخي؟ وهل هو حلال أم نوع من أنواع الربا؟ وما حكم التكييش ـ سواء الحصول على المال من أجل إصرافها أو الإنفاق على نفسه؟ وما حكم الحصول على المال بهذه الطريقة من أجل توفير المال اللازم لفتح مشروع خاص يجر منفعة عليه؟ وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان ما يبيعه أخوك سلعاً موجودة معينة، فيشترط في جواز بيعها تملكها قبل ذلك، فإذا تملكها جاز له أن يبيعها مرابحة، وبيع المرابحة للآمر بالشراء يمر بثلاث مراحل حتى يتم:
1- أن يقول شخص للمؤسسة أو البنك أو لشخص آخر اشتر لي هذه البضاعة أو بضاعة ما وأربحك كذاً مثلاً وهذا وعد بالشراء وليس عقداً ملزماً للآمر بالشراء.
2- أن يشتريها المأمور بالشراء من صاحبها فتدخل في ملكه مباشرة بمجرد إتمام العقد بينهما.
3- أن يشتريها الآمر بالشراء من المأمور به ـ إما نقداً وإما تقسيطاً، بمثل الثمن أو أكثر ـ على حسب ما يتفقان عليه بعد، وبالتالي، فما دام أخوك يشتري السلعة أولاً فتدخل في ملكه وضمانه، ثم يبيعها للآمر بالشراء، فلا حرج في ذلك، ولا يؤثر فيه ما يؤخذه من ضمانات على جدية الآمر بالشراء كحضور الكفيل وتوقيع الشيكات ولو كان توقيعها وأخذها عربوناً، جاء في قرار المجمع الفقهي المنعقد في سنة 1403هـ الموافق 1983م: ويرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز بشرط أن لا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بقدر الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول. انتهى.
لكن لا يجوز أن يكون توقيع الشيكات هو نفسه عقد البيع قبل شراء أخيك للسلع، لأن ذلك يدخل في بيع ما لم يملك، وهو منهي عنه، فلا يصح، وإنما يكون توقيعها من باب ضمان الجدية في الشراء أو عربوناً له لا عقداً للصفقة قبل وجود السلعة بيد البائع.
وأما إن كانت السلع التي يبيعها أخوك سلعاً موصوفة في الذمة: فهذا بيع سلم، ويشترط لصحته أن يسلم ثمن السلعة في مجلس العقد إلى جانب شروط أخرى، وبالنظر إلى طبيعة المعاملة المذكورة، فإنها لاتصح سلماً لتخلف شرط سداد رأس المال في مجلس العقد، فالواجب على أخيك التوقف عن هذا النوع من التجارة لحرمته. هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال.
كما أن الشق الثاني قريب منه وهو ما يتعلق ببيع بطاقات شحن الرصيد مسبقة الدفع، ولا حرج في بيعها بمثل قيمتها أو أكثر منها، ويجوز بيعها بثمن حال أو مؤجل، لأنها من باب بيع المنافع لا من باب بيع الأثمان والنقود وبالتالي، فيجوز بيعها بالتقسيط ولو كان مشتريها يقصد بيعها والحصول على ثمنها، فهذا مما يسمى بالتورق والراجح جوازه، جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بأكثر ليتوسع بثمنه، فلا بأس، وتسمى مسألة التورق، وذكره في الإنصاف، وقال وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وللمزيد حول المرابحة والتورق وبيع التقسيط انظر الفتاوى التالية: 2819، 20793، 1084.
والله أعلم.