الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة المصرة على الطلاق هل يجوز لزوجها إمساكها

السؤال

توجد بيني وبين زوجتي مشاكل عدة تطورت بعنادها المستمر، وبعنادى ـ أيضا ـ حفاظا على رجولتي وكرامتي وهي مصرة على الطلاق، فهل يجوز إمساكها لإبرائي؟ مع العلم أن المشاكل تعدت السنتين وهي لا تريد أن تريني ابنتي منذ ذلك الحين، مع عدة محاولات للإصلاح دون فائدة، وفي انتظار حكم القضاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دامت خصومتك مع زوجتك قد وصلت للقضاء، فهو صاحب الكلمة الفصل فيها، لكن يجوز لك مصالحتها وإمساكها والتراجع عن إيقاع الطلاق لدى المحكمة، وهذا هو الذي ننصحك به إن رأيت إمكان استمرار الزوجية بينكما، فبيت الزوجية لا يخلو ـ غالبا ـ من مشاكل تعكر صفوه، لكن يمكن للزوجين التغلب عليها بالحكمة والصبر والتحمل وتغليب المصلحة وتفادي هدم كيان الأسرة، فإن الشيطان أحرص ما يكون على إلقاء الفرقة والخصام بينكما، فاحذرا كيده ومكره، ففي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت، قال الأعمش: أراه قال فيلتزمه.

وبإمكانك أن تجعل بعض أهل الخير والفضل وسطاء بينكما للإصلاح، فإن لم ينفع ذلك ويئست من صلاحها ورأيت أن المصلحة تقتضي طلاقها، فلا حرج عليك في طلاقها، فإن آخر العلاج الكي، وربما كان الطلاق خيرا عند سوء العشرة والخصومة الدائمة، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين, فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة, وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى, وحبس المرأة, مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة, فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح, لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.

ولك في هذه الحالة أن تمتنع عن طلاقها إلا بعوض ـ كإبراء لك مما في ذمتك لها أو مال تدفعه لك ـ حسبما تتراضيا عليه.

ولا يجوز لها منعك من رؤية ابنتك، لما في ذلك من الظلم وقطيعة الرحم، كما لا يجوز لها طلب الطلاق بدون عذر شرعي، لثبوت الوعيد الشديد في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

والأسباب المبيحة لطلب الطلاق قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 116133، كما أن خروجها من بيتك بدون إذنك معصية شنيعة ويعتبر نشوزا، قال ابن قدامة في المغني: فمتى امتنعت من فراشه، أو خرجت من منزله بغير إذنه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها، أو من السفر معه، فلا نفقة لها ولا سكنى، في قول عامة أهل العلم ـ منهم الشعبي، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو ثور. انتهى.

وتسقط نفقتها مدة نشوزها إلا إذا كانت حاملا أو مرضعا، فلها النفقة مدة الحمل والرضاع، كما تجب نفقة البنت ولو كانت أمها ناشزا، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 121788، ورقم: 124343.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني