الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف على عدم خروج امرأته مرة بالله وأخرى بالطلاق

السؤال

أنا شاب كاتب كتابي ومقبل على الزواج، أرادت الزوجة الخروج مع أهلها لشراء عباية تكملة لجهازها، ولما اقترب رمضان نصحتها بعدم الخروج بزحام الأسواق، وفي إحدى المكالمات جادلتني فحلفت بالله وهيأ لي الشيطان أنها سمعت الحلفان، فحذرتها من مغبة حلفان أخر فأصمنا الشيطان وأعمانا فلم تستجب، فأردت تأديبها وتهديدها بالحلف عليها بالطلاق، فكان نص القول في الموبايل كما يلي: "علي الطلاق بالثلاثة ما أنت خارجة" وسكت. وأنا في نيتي... تلك العباية فقط وليس غيرها من الثياب وذلك الشارع أو السوق بعينه وليس غيره وأيضا الخروجة المختلف عليها وحدها وليست غيرها، وإن كانت لنفس المكان بعد انتهاء الزحام.
1- هل نص ما قلته جائز ((من حلف بغير الله فقد كذب)) ؟2- هل تحسب بالنية أم بالنص ؟3- هل علق الأمر على خروجها لهذا السوق ولشراء هذه العباية فقط أم الخروج كله ؟4- ماذا إن خرجت لأي أمر آخر ؟5- هل يجوز أن أشتري لها ما أرادت وأحضره لها ؟6- متى توجب الكفارة ؟ قبل أم بعد أن تخرج؟ 7- هل يجوز إعطاء الكفارة ليتامى وأرملة وإن لم يكونوا مساكين ؟
علما بأني لم أدخل بها و إن حدث بعض التقبيل والعناق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قصدت بكتب الكتاب على تلك المرأة أنك قد عقدت عليها عقدا شرعيا كما هو الظاهر، فقد صارت زوجة لك يلحقها الطلاق مثل المدخول بها، وبناء على ذلك تكون قد حلفت -كما ذكرت- على عدم خروجها مرتين أولاها بالله تعالى، والثانية بالطلاق الثلاث، لكن إن كانت نيتك هي منعها من الخروج في ذلك الوقت لشراء عباية من سوق بعينه فالمعتبر هو ماقصدته، لأن اليمين مبناها على نية الحالف. قال ابن قدامة في المغني : وجملة ذلك أن اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله و انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له. انتهى .

وبناء على ذلك، فلا يلزمك طلاق ولا كفارة يمين إذا خرجت زوجتك في وقت غير الوقت الذي قصدته أو خرجت لشراء حاجة غير تلك العباءة التي أردتها، ويجوز لك شراء ما أرادت وإحضاره لها.

وإقدامك على الحلف بالطلاق لا يشرع لأنه حلف بغير الله تعالى، ولأنه من أيمان الفساق كما تقدم في الفتوى رقم : 58585.

وقولك (من حلف بغير الله فقد كذب) لم نقف على حديث بهذا اللفظ ولعلك تقصد حديث (من حلف بغير الله فقد أشرك). رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ثم علق عليه قائلا :

(فائدة) قال أبو جعفر الطحاوي لم يرد به الشرك الذي يخرج من الإسلام حتى يكون به صاحبه خارجا عن الاسلام، ولكنه أراد أنه لا ينبغي أن يحلف بغير الله تعالى لأن من حلف بغير الله تعالى فقد جعل ما حلف به محلوفا به كما جعل الله تعالى محلوفا به، وبذلك جعل من حلف به أو ما حلف به شريكا فيما يحلف به وذلك أعظم فجعله مشركا بذلك شركا غير الشرك الذي يكون به كافرا بالله تعالى خارجا عن الاسلام . يعني والله أعلم أنه شرك لفظي وليس شركا اعتقاديا، والأول تحريمه من باب سد الذرائع والآخر محرم لذاته. انتهى .

وفيما يتعلق بكفارة اليمين في حال لزومها فيجب إخراجها بعد الحنث أما قبله فيجوز وتجزئ عند الجمهور كما سبق في الفتوى رقم :17515. وهي ثلاثة أنواع على التخيير وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة. وعند العجز عن جميعها يجزئ صيام ثلاثة أيام. وراجع التفصيل في الفتوى رقم : 107238.
ولا يجزئ دفعها إلا لعشرة مساكين فقراء. وبالتالي فلا يجوز دفعها ليتامى وأرملة إن لم يكونوا مساكين لقوله تعالى :" فكفارته إطعام عشرة مساكين " الآية

أما الطلاق في حال الحنث فيقع ثلاثا عند جمهور أهل العلم . بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح، وقال شيخ الاسلام ابن تيمية تلزم فيه كفارة يمين وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 2550والفتوى رقم : 10366 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني