فلا يصح ما ذكرت من إطلاق القول بأن الله تعالى فضل الرجال في كل شيء وأنه جعلهم في مراتب عليا، فإن التفضيل حاصل من جهة القوامة، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
{ النساء: 34 }.
وأما من جهة الثواب ودخول الجنة: فإن كثيرا من النساء قد يكن أفضل من كثير من الرجال، فالمرأة مكلفة كما أن الرجل مكلف، روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء، فنزلت هذه الآية: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.
{ الأحزاب: 35 }.
وإذا كانت المرأة أتقى لله كان ثوابها أجزل، قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
{ الحجرات: 35 }.
وقد جاءت أحاديث صحيحة تبين فضل وأجر بعض النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ومن ذلك
فضل المرأة التي تعين زوجها على دينه وآخرته، فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه.
رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني.
وفي رواية: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكراً، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة.
رواه أحمد والترمذ،ي، وصححه الألباني.
كما دعا بالرحمة لمن تقوم تصلي من الليل وتوقظ زوجها حتى يصلي، فقال: رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء.
رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم، وصححه الألباني.
وكذلك وردت السنة بفضل المرأة التي تموت في النفاس وأنها من شهداء الآخرة، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والمرأة تموت بجمع شهيدة.
وإذا أحسنت المرأة تربية أولادها اليتامى وقامت برعايتهم فإنها تؤجر أجرا عظيما، روى أبو يعلى في مسنده وحسنه الهيثمي في الزواجر وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يفتح له باب الجنة، إلا أنه تأتي امرأة تبادرني، فأقول لها ما لك؟ من أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي.
وتمنيك نيل فضل الله تعالى أمر حسن، ولكن عليك ببذل الأسباب التي يمكن أن تنالي بها ذلك ـ نعني: الإيمان وعمل الصالحات والإكثار من الطاعات مع الإخلاص في ذلك لله رب العالمين ـ قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.
{ النحل: 97 }.
والله أعلم.