الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق ليس شراً في كل الأحوال

السؤال

زوجي يتعاطى الحشيش منذ: 7 سنوات وكنت أصبر على أمل أن يهديه الله، ولكن زاد خلقه سوءًا وكثرت المشاكل وقل احترامي له فصرت لا أطيعه في بعض الأشياء، وكنت أعمل في مكتبة ـ ملك لنا ـ فمنعني من العمل فقبلت على شرط أن يترك التعاطي فلم يفعل، فجاء وطلب بيعها فرفضت وأصبحت ـ أحيانا للضرورة ـ أذهب حفاظاً على مالي، لأنه كان يطردني من المنزل عند أي مشكلة فخفت أن أفقد مصدر رزقي وأصررت على الرفض، والآن أنا مطلقة مرتين وراجعني فوافقت كي أستطيع البقاء مع أولادي، ولكن طلبت منه أن لا تكون بيننا أي حياة وليتزوج هو إن أراد، ولأننا إن عدنا عادت المشاكل أقوى وخسرنا آخر فرصة للجمع بيننا بدون موانع شرعية تتيح لنا اللقاء والتشاور في أمور أولادنا فأصبح غاضبا مني ويعاملني بقسوة واحتقار وأصر من أجل أولادي، وقد بدأت عليه آثار الإدمان من نسيان وسوء تقدير للأمور وهزال، والأسوء من هذا بعده عن الدين وعدم اقتناعه بآداب ديننا الحنيف ولا يدري عنها إلا حقوقه في منعي من الخروج والأوامر فتحولت الحقوق إلى استعباد منه وليس هناك ما يقابلها من إنفاق وعلاقة زوجية ومعاملة كريمة وأنا أبحث عن طريق يوصلني إلى الله وكنت غير ملتزمة فأصبحت أسعى لمعرفة ديني وأصلح من نفسي وأعد لآخرتي، ولكن معرفتي بحقوق الزوج علمت منها تماما أنه يكون وضعي هذا طريقا مهلكا وأكون خسرت دنياي وآخرتي علما بأن رجوعي له سيبعدني عن سبيل معرفة ربي حقا، فهو يتضايق إذا أطلت الصلاة، أو استمعت إلى برنامج ديني، أو قراءة الكتب الدينية، فهل أظل على هذا الوضع ـ زواج مع وقف التنفيذ ـ وأطيع كلامه في منعي من الخروج والعمل؟ أم أتركه، لأنه أخبرني بأنه لن يتغير، أو يترك التعاطي، ولن يغير معاملته لي؟ علما بأن ذلك سيصبح موقف أولادي حرجاً لعدم تمكني من توفير منزل ملائم لهم وسأضطر لتركهم معه وأسرته، لأنهم يمتلكون منزلا كبيرا عكسي أنا وأهلي، فما حكم الدين في هذا؟ وهل له الحق في الطاعة وهو مدمن ولا يدري عاقبة أي شيء يفعله، أو يقوله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاشتراطك على زوجك عند الرجعة أن لا تكون بينكما معاشرة شرط غير جائز، وانظري الفتوى رقم: 140602. فلا يجوز لك الامتناع من إجابة زوجك للمعاشرة ما لم يكن بك عذر ـ كمرض، أو حيض، أو صوم واجب، أو يمتنع زوجك عن الإنفاق عليك ـ كما بيناه في الفتوى رقم: 118769.

فالذي ننصحك به أن تجتهدي في استصلاح زوجك وإعانته على التوبة من تعاطي الحشيش، ويمكنك الاستعانة على ذلك ببعض الصالحين من الأقارب، أو غيرهم، وحثه على مصاحبة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر مع كثرة الدعاء له بالهداية، وراجعي الفتويين رقم: 17651 106389.

وعليك معاشرته بالمعروف ومطالبته بالإنفاق عليك ومعاشرتك بالمعروف، فإن لم يفد ذلك فالذي ننصحك به أن تطلبي الطلاق منه، فلا خير لك، أو لأولادك في البقاء مع مثل هذا الزوج، فالطلاق ليس شرّاً في كلّ الأحوال، بل قد يكون خيراً، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ. { النساء: 130}.

قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

مع التنبيه على أنّ من يتوكل على ربه ويحسن الظنّ به فسوف يكفيه كلّ ما أهمه، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. { الطلاق: 2 }. وقال: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. { الطلاق: 3 }.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني