السؤال
أعاني من الحساسية والتهاب مزمن في الجيوب الأنفية ومرض الربو ونصحني الأطباء بعدم الإكثار من التحمم لأنني عندما أتحمم، أو أتوضأ الوضوء الأكبر أصاب بالزكام والصداع مع السعال ـ حتى لو كان في فصل الصيف ـ فكثيرا ما أتيمم للصلاة، ولكن هذا جعلني أحس دائما أن صلاتي غير مقبولة، فما رأيكم؟ فهل يجب علي الوضوء كل يوم ولو كان فيه ضرر على صحتي؟ أم أكتفي بالتيمم؟ وكم عدد الأيام التي أصلي فيها بالتيمم؟ وهل يصح أن أتوضأ بدون أن أكب الماء على رأسي، لأن فيه الضرر الأكبر؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج، وهذا من رحمته تعالى بنا، ومن ذلك أنه شرع للمريض التيمم إذا كان استعمال الماء يضر به، فمن كان يخشى زيادة مرضه، أو تباطؤ برئه، أو كان يخشى حدوث مرض جاز له أن يعدل عن الوضوء والغسل إلى التيمم، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.{المائدة: 6}.
فالواجب على المريض حيث أبيح له التيمم أن يغسل ما لا يتضرر بغسله في الوضوء والغسل ويتيمم عما عجز عن غسله، أو كان يتضرر به، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: الجريح والمريض إذا أمكنه غسل بعض جسده دون بعض لزمه غسل ما أمكنه، وتيمم للباقي، وبهذا قال الشافعي.
انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من به جروح، أو قروح، أو كسر، أو مرض يضره منه استعمال الماء فأجنب: جاز له التيمم، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك وتيمم للباقي. انتهى.
وقال الشيخ ابن باز في امرأة تتضرر بغسل رأسها: إذا كان يضرك غسل الرأس من الجنابة والحيض كفاك مسحه مع التيمم، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.
{التغابن: 16}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 57834.
وبما ذكرناه تعلمين أن الواجب عليك هو أن تغسلي ما تستطيعين غسله في الوضوء والغسل بلا ضرر فإن خشيت الضرر بغسل بعض الأعضاء جاز لك أن تتركي غسله وتتيممي وليس لك أن تتركي غسل ما تقدرين على غسله، فإذا فعلت ما وجب عليك جاز لك أن تصلي ولا حرج عليك في ذلك وطهارتك صحيحة مجزئة ـ إن شاء الله ـ وليس لذلك وقت معين، بل متى خشيت حصول الضرر فتيممي عن العضو الذي تخشين الضرر بغسله وإن طالت المدة، فإذا زال هذا الخوف وجب عليك أن تغسلي جميع بدنك في الغسل وجميع أعضاء الوضوء في الوضوء.
والله أعلم.