السؤال
أشكركم على اهتمامكم بكل أسئلتي وجزاكم الله خيراً، وسؤالي: هل يكفي أنني أكره أن أكون علمانياً، أو رأسمالياً؟ وهل ينفي ذلك علمانيتي، أو رأسماليتي؟ فمع شدة بغضي لما ينافي الدين الإسلامي، أو مذهب السلف، أجدني أتساءل بيني وبين نفسي، هل يبعدني ذلك عن الوقوع في العلمانية وغيرها؟ وهل صحيح ما يخالجني ـ وهو أن أكثر من يقع في هذه المسالك إنما ابتعد عن النقل الصحيح وأكتفى بالعقل؟ أم أنني مخطئ؟ علماً بأنني أقرأ كثيراً وأتعلم مما أجده في هذه الكتب القيمة، وأرجو أن يكون لنا نصيب في طلب العلم يوماً ما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسلوك مرآة الفكر، أي نابع منه ونتيجة له، وهذا يعني أن السلوك الظاهر للمرء إنما ينبني على فكرة الباطن، فمن أبغض شيئا بغضا حقيقيا خالفه ونأى عنه، كما أن من أحب شيئا حبا حقيقيا اتبعه واقترب منه، ولذلك قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {آل عمران: 31}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله عز وجل. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
والمقصود أن نمهد بذلك للسائل جواب مسألته، فنقول: كرهك للعلمانية، أو غيرها من المذاهب الفكرية المنحرفة، لو ترسخ حتى صار اعتقادا، فهذا يستلزم التبرؤ منها ومنابذتها، وهذا كاف لنفيها عنك، ولا يخفى أن المرء كلما ازداد علما بشريعة الإسلام وإيمانا بها، ازداد بغضه لما يناقضها ويخالفها.
وأما الحكم على أكثر من يقع في هذه المسالك بأنه وقع في ذلك لابتعاده عن النقل الصحيح واكتفائه بالعقل: فهذا لا يمكن القطع به، ولكن الذي يمكن القطع به هو أن ذلك من أسباب هذا الانحراف، وهناك أسباب أخرى كالإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى، والتقليد الأعمى، وعقدة النقص والانبهار بالحضارة الغربية، وفساد حال بعض المنسوبين للشريعة وسوء فهمهم، وغير ذلك من الأسباب.
والله أعلم.