السؤال
يا شيخ جزاك الله خيرا عني وعن جميع السائلين: فقبل 7 سنوات، أو أكثر حججت وكان هناك ازدحام كبير كانت فيه حالات وفاة فقام أخي الأكبر بطلب توكيله لرمي الجمرات عني، مع العلم أنني لم أتزوج في تلك الأيام وأنا الآن متزوج منذ مدة، وقد سمعت أن من ترك ركنا مثل الطواف يبطل زواجه، ورمي الجمرات واجب، فهل له نفس الحكم ويبطل بتركه الزواج؟ وهل علي شيء مع جهلي في تلك الفترة؟ وإن كانت هناك كفارة فما هي؟ وما هي طريقة دفعها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتوكيل في رمي الجمار لا يجوز إلا لمن كان عاجزا عن مباشرة الرمي بنفسه، فإن كنت وكلت أخاك في رمي الجمار وكنت عاجزا عن الرمي بنفسك فتوكيلك له صحيح ولا يلزمك شيء، وأما إن كنت وكلته مع قدرتك على الرمي فقد أسأت، ويلزمك دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم، فإن عجزت فعليك صيام عشرة أيام قياسا على من عجز عن دم التمتع، ولا يفسد حجك بترك الرمي، بل هو صحيح ـ إن شاء الله ـ ثم إن كنت رميت جمرة العقبة بنفسك، وإنما وكلت أخاك في الرمي في أيام التشريق فلا إشكال في صحة نكاحك، لأنك قد حللت التحللين برمي جمرة العقبة والحلق، أو التقصير والطواف بالبيت، وأما إن كنت وكلت أخاك في رمي جمرة العقبة في يوم النحر: فنرجو ـ إن شاء الله ـ أن يكون نكاحك صحيحا أيضاً، فإن التحلل يحصل عند المالكية ووجه عند الشافعية بفوات وقت الرمي ولا يشترط الإتيان ببدله ـ وهو ذبح الهدي ـ والأصح عند الشافعية أنه لا بد لحصول التحلل من الإتيان ببدل الرمي وهو ذبح الهدي، وعلى هذا القول فعليك أن تجدد ذلك العقد، وما مضى من وطء فإنه وطء شبهة تعذر فيه بجهلك بالحكم وليس عليك إثم ـ إن شاء الله ـ قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: ولو لم يرم جمرة العقبة حتى خرجت أيام التشريق فقد فات الرمي ولزمه بفواته الدم ويصير كأنه رمي بالنسبة إلى حصول التحلل به، وهل يتوقف تحلله على الإتيان ببدل الرمي؟ فيه ثلاثة أوجه حكاها إمام الحرمين وغيره وأصحها: نعم، لأنه قائم مقامه. والثاني: لا، إذ لا رمي. والثالث: إن افتدى بالدم توقف، وإن افتدى بالصوم فلا لطول زمنه. انتهى.
ومن الشافعية من ذهب إلى أن التحلل يحصل بدخول وقت الرمي وإن لم يرم، كما ذكره في المهذب عن أبي سعيد الإصطخري وضعفه.
والوجه الثاني عند الشافعية : وهو أن التحلل يحصل بخروج وقت الرمي ولا يتوقف على ذبح الهدي هو قول المالكية ـ كما قدمنا ـ قال في مواهب الجليل: والتحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة، أو بخروج وقت أدائها قاله في الطراز في آخر مسألة من باب جمرة العقبة، ونحوه في ابن عرفة، ونصه: وفوت رمي العقبة بخروج وقته كفعلها في الإحلال الأصغر ـ أي في التحلل الأول ـ لسماع عيسى عن ابن القاسم: من مضى إثر وقوفه لبلده رجع ـ أي للطواف ـ لابسا ثيابه. انتهى.
والخلاصة: أن حجك صحيح بكل حال وأن الواجب عليك دم، فإن عجزت فصوم عشرة أيام إن كنت وكلت حيث لا يجوز لك أن توكل، وأن نكاحك صحيح بكل حال سواء كان المتروك جمرة العقبة، أو غيرها على أحد القولين، وعلى القول الثاني فإن كان المتروك جمرة العقبة فعليك أن تجدد هذا العقد، لأنك لا تتحلل إلا بالإتيان ببدل الرمي على ما سبق تفصيله.
والله أعلم.