السؤال
أتساءل لماذا أشعر بخوف شديد من ارتكاب معاصي معينة يصل إلى درجة الإحباط والحزن والأرق مثل الخوف من المال الحرام، في حين لا أشعر بنفس الدرجة من خشية الله فيما يتعلق بالتقصير أحيانا في أداء الصلاة في أوقاتها أو عدم الخشوع فيها، أو الانسياق في اللغو لماذا لا أشعر بعظمة كل المعاصي بنفس الدرجة كي أجتنبها إلى الأبد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن الذنوب ليست على درجة سواء، فإنها تنقسم إلى صغائر وكبائر، وبعض الكبائر أكبر من بعض، قال تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا. (النساء: 31). وترك الصلاة وإخراجها عن وقتها من أكبر الكبائر وأعظم الموبقات؛ بل قد ذهب بعض العلماء إلى كفر من تعمد ترك الصلاة والعياذ بالله، وانظري الفتوى رقم: 130853.
والمسلم يخشى جميع الذنوب ويحذر الوقوع في أي شيء منها سواء في ذلك الصغائر والكبائر، ولكن حذره من مواقعة الكبائر وخوفه من ذلك أشد، وحزنه على ما يفعله من الكبائر أعظم، ويحصل ذلك بالعلم بمقادير الذنوب وتفاوت ما بينها في القبح، فما كان أقبح عند الله كان المسلم أشد حذرا منه وتجنبا له، فالعلم هو السبيل إلى وضع كل شيء في نصابه وإنزاله منزلته، والعلم بأسماء الرب تعالى وصفاته من أعظم ما يردع عن الذنوب صغيرها وكبيرها، فيستحضر المسلم أن الله مطلع عليه رقيب شهيد يسمع كلامه ويرى مكانه ويحصي عليه أعماله فيخاف ويوجل أن يبارزه بمعصيته وهو المتفضل عليه بالنعم الظاهرة والباطنة، وكلما رسخت قدم العبد في العلم بصفات الرب جل وعلا كان خوفه من الذنوب أتم وحذره من مواقعتها أشد، نسأل الله أن يرزقنا وإياك علما نافعا وعملا صالحا.
والله أعلم.