الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعليق الطلاق كتابة وهل تطلب الطلاق لعدم تحملها زواجه بأخرى

السؤال

صار خلاف بيني وبين زوجي على موضوع وهو مسافر فبعث لي مساجا قائلا: اعلمي أنك إن فعلت هذا الشيء أنت طالق وحرمت علي ـ فهل يقع الطلاق بالمسجات؟ سألت صديقة لي تعمل بدائرة الإفتاء عن هذا الطلاق فأخبرتني أن الطلاق بالمسجات لا يقع ففعلت الشيء، فهل أنا طالق؟ ولا أستطيع أن أخبره بأنني فعلت لأنه عصبي جدا، وأنا لم أفعله إلا بعد علمي أن الطلاق لا يقع وأنا الآن تائبة إلى الله، أرجوكم ساعدوني وإن تزوج زوجي علي وطلبت الطلاق لعدم قدرتي على تحمل هذا، فهل تحرم علي الجنة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففيما ذكرته مسألتان ينبغي الكلام عن كل منهما:

الأولي: تعليق زوجك الطلاق والتحريم عن طريق الكتابة.

والثانية: فعلك للشيء المعلق عليه جاهلة بالحكم الشرعي.

فأما عن المسألة الأولي: فإن الطلاق بالكتابة لا يقع إلا إذا نواه الزوج، قال ابن قدامة في المغني: إذا كتب الطلاق, فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي, والنخعي, والزهري, والحكم, وأبو حنيفة, ومالك وهو المنصوص عن الشافعي، وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر أنه لا يقع به طلاق وإن نواه، لأنه فعل من قادر على النطق, فلم يقع به الطلاق, كالإشارة ولنا أن الكتابة حروف, يفهم منها الطلاق, فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها, ونواه, وقع كاللفظ. انتهى.

وعليه، فإن كان زوجك لم ينو طلاقا بما كتبه فلا يلزمك شيء، وإن نوى الطلاق والتحريم ففعلت المعلق عليه ولو جاهلة بالحكم الشرعي فإنه يكون قد حنث في يمينه، لأن الجهل الذي يعذر به ـ عند من يقول بالعذر به ـ هو الجهل بالتعليق لا الجهل بالحكم, وهو مذهب الشافعية، خلافا للجمهور القائلين بوقوع الطلاق ولو مع الجهل بتعليقه، كما سبق في الفتوى رقم: 74353.

وما دام الحنث هنا قد حصل فإن عبارة: أنت طالق ـ المكتوبة إذا قصد بها الطلاق يعتبر طلاقا نافذا، وبالنسبة للتحريم فينظر في نية الزوج، فإن قصد بالتحريم الطلاق لزمته طلقتان إلا إذا نوي التأكيد، أو التفسير بمعني أنه جعل العبارة الثانية تأكيدا للأولى, أو تفسيرا لها فتلزمه طلقة واحدة، وإن قصد الظهار لزمه طلاق وظهار، وإن قصد اليمين، أو لم يكن له قصد لزمه كفارة يمين، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 124625.

وكفارة اليمين ثلاثة أنواع علي التخيير ـ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة ـ فإن عجز عن جميعها صام ثلاثة أيام، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 107238.

أما كفارة الظهار فهي ثلاثة أنواع علي الترتيب ـ وهي عتق رقبة، فإن عجزعنها صام شهرين متتابعين

فإن عجز أطعم ستين مسكينا ـ وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 192.

وعليك إخبار زوجك بفعل الشيء المعلق عليه وسؤاله عن نيته، فإن كان لم ينو طلاقا ولا تحريما فلا شيء عليه، وإن نواهما علم الحكم المترتب عليه في ذلك من طلاق، أو غيره، وراجعي فتوانا رقم: 140400.

ثم إن تزوج عليك زوجك ولم تستطيعي تحمل البقاء معه وخشيت تضييع حقوقه جاز لك طلب الطلاق، جاء في الروض المربع للبهوتي: أوكرهت نقص دينه، أو خافت إثما بترك حقه أبيح الخلع، لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ.

وحيث جاز لك طلب الطلاق فلا ينطبق عليك الوعيد الوارد في شأن من طلبت الطلاق من غير عذر شرعي وراجعي الفتوى رقم: 116133

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني