الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

حدث معي منذ سنين طويلة هواجس ووساوس وشبهات سببها سوء الفهم والجهل، والاحتكاك بمن له تنطع وانحراف فى مواضيع عقدية لدرجة أني مسكت قلماً وحاولت أتذكر ما أستطيع أن أتذكره من ألفاظ كفرية نطقت بها، أو إشارات تدل على الاستهزاء المخرج من الملة أو مواقف حضرتها وفيها ألفاظ كفرية أو إشارات تدل على السخرية من الإسلام أو كل ذلك؛ ولا أريد أن أسرد هنا ما ترتب على ذلك من طوام، وعشت أياماً لا يعلم شدتها إلا الملك العلام سبحانه وتعالى. فدونت مشكلتى في ورقات وقدمتها للعلامة الشيخ الصادق الغرياني وهو من نثق فى تقواه وعلمه ولعلكم سمعتم به، فقال لي: لا شيء عليك ولا يحتاج الأمر إلى تجديد إسلامك وإيمانك وكل ما فى الأمر وساوس وعليك بالإبتعاد عن أصحاب الأفكار المنحرفة، فسررت بفتواه ثم لم ألبث إلا أياماً قليلة حتى كتبت ورقات أخرى وبعثت بها مع أخي إلى نفس الشيخ فلم يطلع عليها الشيخ وقال لأخي قل له ينسى الأمر ويحرق هذه الأوراق وليس عليه شيء. وفى الفترة التى كنت فيها أعاني من مشكلتي قابلت أكثر من مرة فى الطريق من يبدو من شكله أنه نصراني، فكان يأتني فى خاطري (أن هذا ليس لديه وساوس ولا يعاني هواجس مثلي فما عليه سوى النطق بالشهادتين ويغفر الله عز وجل له ما قد سلف، أما أنا فأعيش فى الهواجس وأتذكر ما مضى من مواقف فيها ألفاظ كفرية وأحيانً أصلى وأحياناً أردد الشهادتين وتارة أعود للألفاظ الكفرية فلا أستطيع حصر وتحديد الفترات التى كنت فيها مؤمناً والفترات التى كنت فيها كافراً!!! (هذا حسب معرفتى فى البداية!! وقبل أن أعرف كل ضوابط التكفير) وتشابكت علي الأمور!!).. وبعد فترة تذكرت هذا، أي تذكرت ما ورد فى نفسي من أن من يبدو من شكله أنه نصراني لا يعاني من الوساوس والهواجس مثلى، وجاء فى نفسى: ألا تدل هذه الجملة التى وردت فى خاطرى على الرضى بكفره؟!! ثم تذكرت قصة الصحابي الذي عاتبه الرسول صلى الله عليه وسلم على قتله من قال لا إله إلا الله فقال ما معناه: إنما قالها خوفاً من القتل، والقصة معروفة، إلى أن قال الصحابي: حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ. فقلت فى نفسي إن الصحابي لا يقصد ندمه على إسلامه قبل تلك المعركة، إنما قال ذلك لقرينة وهي قتله لمن قال لا إله إلا الله، وبالتالي إن الخاطر الذي جاء فى نفسي عند ما قابلت فى طريقي من يبدو من شكله أنه نصراني لا يعتبر رضى بالكفر، إنما لقرينة وهي شدة معاناتي. ومع ذلك ندمت على الجزء الباطل من الخاطرالذي ورد فى نفسي وهو أن هذا النصراني ليس لديه وساوس ولا يعاني هواجس مثلي!! لا أريد أن أضيف مواقف وأسئلة أخرى لكنى آمل أن أقرأ أجاباتكم ثم أنام قرير العين مطمئن البال. وأتمنى أن أتواصل معكم فى التفقه فى دين الإسلام. فأرجوكم ثم أرجوكم ثم أرجوكم أجيبوا عن أسئلتى بالتفصيل وأزيلوا عن الشبهات ولا تكتفوا بأن تقولوا إن الوساوس يجب الإعراض عنها فأنا أعرف ذلك!! بل أريد الإجابة بالتفصيل وأقرؤوا الثمان فقرات جيداً ودلونى إلى بر الأمان؟ وفقكم الله تعالى لخدمة الإسلام والمسلمين آمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تملكك الوسواس وبلغ منك كل مبلغ أيها الأخ الكريم حتى صرت ترفض الدواء الناجع لهذه الوساوس مع علمك به، وترفض أن يوجه إليك النصح باستعماله، ولكننا لا نملك إلا أن ننصحك مشفقين عليك راغبين في الخير لك داعين الله لك بالشفاء العاجل أن تغلق باب الوساوس وألا تسترسل معها وأن تعرض عنها جملة وتفصيلاً، كما نصحك بذلك الشيخ المذكور فإنك إن لم تفعل بقيت في هذا العناء وملك الشيطان قلبك فأفسده عليك، فالله الله في نفسك عبد الله لا تهلكها بالوساوس.

واعلم أن هذا الأمر الذي جال بخاطرك ليس من الكفر بسبيل، ولا هو رضى بالكفر البتة فارفق بنفسك أيها الأخ الفاضل ولا تعنتها هذا التعنيت الذي لا يحبه الله تعالى، وألق عنك غبار هذه الوساوس تعش مستريح البال مطمئن النفس، واقبل على ربك تعالى واشتغل بعبادته ولا تسمح للشيطان أن يفسد عليك قلبك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني