الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاكاة الساحر بقصد الاستهزاء به هل يعد كفرا

السؤال

هل من يحاكي هيئة الساحر مازحاً يكفر بناءً على أن المستهزيء بالكفر يكفر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قول الكفر على سبيل الاستهزاء كفر، كما قال ابن العربي في تفسيره لوقله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * َلَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}.

قال ابن العربي ـ رحمه الله: لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا، أو هزلا, وهو كيفما كان كفر, فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة, فإن التحقيق أخو العلم والحق, والهزل أخو الباطل والجهل, فإذا حصل الاستهزاء بالله، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو بالدين من شخص عاقل غير مكره فإنه يكفر بذلك ويعتبر ذلك ردة عن الإسلام, فعليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا. اهـ.

وأما ما حصل من هذا الشخص فإن كان حاكى تصرفا من تصرفات هذا الساحر التي يكفر بها مازحا كأن ذبح للجان، أو نفث في العقد، أو علم، أو تعلم السحر فيخشى عليه من الكفر، لأن مجرد عمل السحر كفر عند الجمهور.

وأما إن كان حاكى هيئة الساحر في اللباس، أو في المشي، أو الجلوس، أو غير ذلك مما لا يكفر به مازحا فإنه لا يكفر بذلك، ففي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: إن حاكي الكفر عن الغير يختلف حكمه باختلاف القرائن، فإن كانت الحكاية لغرض شرعي فالأمر كذلك لإجماع أئمة الهدى على حكايات مقالات الكفرة والملحدين في كتبهم التي صنفوها وبحالهم ليبينوا ما فيها من فساد ليتجنب, وليبطلوا شبهها عليهم, ومن أدلتهم على ذلك أن الله تعالى قد حكى مقالات المفترين عليه وعلى رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم والتحذير من كفرهم والوعيد عليه بالعقاب في الدارين والرد عليهم بما بينه في حكم كتابه, وكذلك وقع في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت الحكاية على وجه الاستحسان لمقالة المحكى عنه فلا شك في كفر الحاكي واستحقاقه ما يستحق المحكى عنه, وقد عقد القاضي عياض في الشفاء بابا أطال فيه في بيان هذه المسألة فليراجعه السائل فإن فيه ما يقنعه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني