السؤال
قضيتي حيرتني فأرجو أن تفتوني فيها ذلك أني ابن قرية وأعمل في مدينة لا أملك سكنا فيها وأنا أعيش بالإيجار الذي ارتفع ثمنه بشكل خيالي زيادة على أنني أعول زوجة وابنا، وقد عرض علي قريب لي إمكانية للحصول على سكن وذلك أن الوكالة العقارية في هذه المدينة تعرض سرا سكنات مقابل مبلغ زهيد مقارنة بالمبالغ الخيالية للعقار في هذه المنطقة ذلك أن هذه السكنات قد تورط فيها والي الولاية السابق ويريد أن يتخلص منها في أقرب الآجال وبأي طريقة فكانت الطريقة هذه، فاستخرت الله في ذلك بكثرة وبادرت إلى إيداع الملف ودفع المبلغ عن طريق موظف في الوكالة ووعدنا بالسكن، ومؤخرا قد علقت قوائم المستفيدين ولم أك منهم فاتصلنا بالموظف الذي كان وسيطا في القضية فأخبرنا أننا من المستفيدين، لكن خوفا من الطعون ستعطى لنا سرا، إذن فهل المال الذي دفعته للوكالة يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك، فما السبيل إلى التوبة خاصة إذا استفدت من السكن؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أن الرشوة من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى في ذم اليهود: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكالون للسحت{المائدة:41}
قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وللأحاديث الواردة في لعن الراشي والمرتشي والرائش، وأن ذلك كله في الرشوة التي تدفع لإبطال حق، أو إحقاق باطل.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم، أو ضرر، فإنها جائزة عند جمهور أهل العلم ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، فقد ورد في الأثر: أن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
وراجع الفتوى رقم: 71938.
ولم تبين لنا سبيل المال الذي دفعته هل هو جزء من الثمن؟ أم هو رشوة للمسؤول ليدرج اسمك ضمن الأسماء المستحقة للسكن وأنت كذلك في واقع الحال فلا حرج عليك في ذلك فيما دفعته ولا في الانتفاع بالسكن إن حصلت عليه، أم أن المال الذي دفعته هو للتأثير على المسؤولين عن توزيع السكن لمحاباتك لعدم انطباق الشروط والمواصفات اللازمة لاستحقاق السكن عليك، أو لوجود من هو أحوج منك فيكون المال الذي دفعته حينئذ رشوة محرمة وما حصلت عليه بسببها ترده إلى الجهة المعنية وترجع بما دفعت على المرتشي.
والله أعلم.