السؤال
يري الإمام ابن تيمية أن من حلف بالطلاق وكان قصده الطلاق يجوز له أن يتراجع عن هذا اليمين، ولي عدة أسئلة:
1ـ هل يخرج كفارة يمين؟.2ـ هل لذلك شروط؟.3ـ ألا يخرق هذا الإجماع؟.4ـ كيف يرد المخالفون له على ذلك؟.5ـ هل يجوز استعمال هذه كرخصة مرة واحدة في العمر لشخص مريض بالوسواس القهري يريد أن يتخلص من أيمان الطلاق التي حلفها ويتوب من هذه المعصية؟.6ـ هل يلزم على رأي ابن تيمية أن يخبر زوجته أنه أسقط هذه الأيمان؟.7ـ هل يسقط كل يمين على حدة وباللفظ؟ أم تكفي النية؟.أرجو أن لا تهملوا أي سؤال من هذه الأسئلة مع علمي بكثرة مشاغلكم وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن الحالف بالطلاق بقصد إيقاعه عند حصول المحلوف عليه معلق للطلاق وليس حالفا في الحقيقة، قال في الفتاوى الكبرى: فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ: لَزِمَهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، أَوْ إذَا فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ، فَقَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا تَفْعَلِينَ كَذَا، وَقَصْدُهُ أَنَّهَا تَفْعَلُهُ فَتَطْلُقُ: لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَلَا هُوَ كَارِهٌ لِطَلَاقِهَا، بَلْ هُوَ مُرِيدٌ لِطَلَاقِهَا، طَلُقَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ حَالِفًا، بَلْ هُوَ مُعَلِّقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ الْإِيقَاعَ، فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا عِنْدَ الْحِنْثِ فِي اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَمَقْصُودُهُ مَقْصُودُ التَّعْلِيقِ، وَالطَّلَاقُ هُنَا إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الشَّرْطِ الَّذِي قَصَدَ إيقَاعَهُ عِنْدَهُ، لَا عِنْدَ مَا هُوَ حِنْثٌ فِي الْحَقِيقَةِ.
وكذلك يرى شيخ الإسلام أن التراجع عن تعليق الطلاق جائز وعلى ذلك فإنه إذا تراجع فلا تلزمه كفارة يمين وليس في ذلك خرقا للإجماع، وإنما يخالف الجمهور، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: مسألة: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟ مثاله: أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق، يريد الطلاق لا اليمين، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا؟ الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل، لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط، فلزم كما لو كان الطلاق منجزاً، وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له فإذا أسقطه فلا حرج.
وأما جواز الأخذ بهذا القول لمريض الوسواس القهري، فقد سبق أن بينا أن الطلاق الذي يقع من الموسوس بسبب الوسوسة غير واقع، وأما ما يقع منه باختياره فإنه يعمل فيه بما يطمئن إليه قلبه، فإن استفتى فيه من يثق بفتواه عمل بها، ولا يلزم الزوج أن يخبر المرأة بتراجعه عن التعليق.
والله أعلم.