الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للجار أن يفتح بابا في داره وإن كان يضر بجاره

السؤال

لنا جار أراد فتح باب خلفي جديد له غير الباب الذي تعود أن يدخل ويخرج منه طيلة 30 سنة، وهذا الباب الجديد يؤدي إلى ممرغير نافذ غير الممر الذي يؤدي إليه بابه القديم، لكنهما يلتقيان في نفس الشارع العام، المشكلة أن استحداثه للباب الجديد أدى إلى أن يمر هو ومن يريد بيته من الغرباء في ممر غير نافذ، كنت أنا وعائلتي المستعمل الوحيد له طيلة الفترة الماضية، ولكون هذا الممر ضيقا وموحشا خصوصا في الليل، فقد سبب هذا الأمر ضيقا وحرجا لي ولعائلتي، مما دفعني لمحاولة منعه وإغلاق بابه عن طريق الجهات الحكومية؛ لأنه له بديل عن هذا الممر، وهو طريقه القديم، وأنا ليس لي بديل عنه؛ لأنه منفذي الوحيد للشارع العام. أرجو إفتائي لحل مشكلتي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الباب الذي أحدثه جارك يمكن أن يطل من خلاله على بيتك فإن فعله هذا لا يجوز، ويجب عليه إزالته نهائياً، وإن كان منحرفاً بحيث لا يشرف منه على ما في داركم ولا يقطع عنكم نفعاً أو خدمة، فإن هذا قد اختلف فيه أهل العلم، فمنعه بعضهم وأجازه آخرون، جاء في تحفة الحكام لابن عاصم المالكي في باب الضرر:

ومحدث ما فيه للجار ضررْ * محقق يمنع من غير نظرْ

كالفرن والباب ومثل الأندر * أو ما له مضرّة بالجدر

قال شارحه: (والباب) أي والباب الذي يضر بفتح محله من الحائط دوران دفته وصرير رتاجه وتطلع الخارج منه في الزقاق غير النافذ فلا يجوز لواحد من سكانها إحداث باب يقابل باب جاره ويشرف عليه منه... وظاهره ولو نكب أي حرف الباب المحدث عن باب جاره بحيث لا يشرف منه على ما في دار جاره ولا يقطع عنه مرفقاً، ومقابله أنه إن نكب عن باب جاره بحيث لا يشرف عليه منه ولا يقطع عنه مرفقاً لم يمنع من إحداثه. اهـ

والذي يظهر لنا -والله أعلم- أن ما يترتب عليه ضرر أو أذية للجيران ولو لم يكن الباب يطل على البيوت أو يمنعها خدمة لا يجوز، وأن ما ليس فيه ضرر لا يمنع لأن الأصل الجواز، والمنع إنما يكون بسبب الضرر أو الأذى، وراجع الفتوى رقم: 94235.

وما دامت المسألة محل خلاف بين العلماء في بعض حالاتها فإن الرافع للخلاف هو القاضي الشرعي، فلا حرج عليك في رفع أمرك للقضاء لرفع الضرر عنك، وقد سبق أن بينا أن حق الجار في الإسلام عظيم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وصى به وحث على الإحسان إليه وتحمل أذاه والكف عن أذيته، وذلك في الفتوى رقم: 14785، والفتوى رقم: 71781 نرجو أن تطلع عليهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني