السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 29 عاما، أبي كان يعمل بأحد البنوك (إدارة الإجراءات الإدارية) والآن هو بالمعاش، ويضع ماله بهذا البنك، مع العلم أنه اقترض كثيرا من هذا البنك أثناء عمله به. هل يساعدني أبي للحصول على شقة للزواج تقريبا بثمن الشقة كاملا؟ وهل أرث من هذا المال مع العلم أني لا أستطيع شراء شقة تمليك وتجهيزها للزواج. وهل أقبل أي مال منه عموما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمل في البنوك ليس محرما على الإطلاق، وإنما يحرم العمل في البنوك الربوية خاصة، ولو في مجال غير عقود الربا؛ لأن العمل فيه من التعاون معه على الإثم والباطل أيا كان هذا العمل.
وأما البنوك الإسلامية فلا يحرم العمل فيها، وأنت لم تبين طبيعة البنك الذي كان يعمل به أبوك، وعلى كل فإن كان البنك إسلاميا فلا حرج عليه فيما استفاده منه من أجور ومعاش وغيره، وله أن ينتفع بذلك، ويعينك منه على شراء الشقة أو أمر الزواج.
وأما لو كان البنك ربويا فالعمل فيه محرم، والراتب المأخوذ على العمل المحرم محرم مثله، وليس لآخذه الانتفاع به في خاصة نفسه، بل يتصدق به على الفقراء والمساكين، ويصرفه في مصالح المسلمين، إلا إذا كان فقيرا فله أن يأخذ بقدر حاجته من المال الحرام.
قال النووي في المجموع: (وله ( أي حائز المال الحرم) أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً .. وله أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير.)
وخلاصة القول فيما سألت عنه أن ما بيد أبيك من المال إن كان مختلطا بعضه من حلال وبعضه من حرام فلا حرج عليك أن تنتفع بما سيعينك به في شراء الشقة أوغيرها لجواز معاملة مختلط المال؛ كما بينا في الفتوى رقم: 6880.
ولو كان جميع ما بيده كله محرما فلا يجوز لك أن تأخذ منه شيئا إلا إذا كنت فقيرا فتأخذ بقدر حاجتك فقط.
وما بقي لديه من القروض التي اقترضها لا حرج عليك أن تنتفع بما يعطيك منها لتعلق حرمته بذمته إذا كانت قروضا ربوية .. والإرث سبيله مثلما ذكرنا فهو لا يبيح الحرام، وعلى الوارث أن يخرج قدر الحرام من تركة مورثه ليطيب له الباقي.
قال النووي في المجموع: من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد… انتهى
هذا مع لزوم نصحه بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل والإقبال عليه، ومن تاب تاب الله عليه.
والله أعلم.