السؤال
لدينا أخت في أوائل العشرينات نعاني منها في البيت أجمع، تسب الكل حتى أمي وتسيء لها كثيرا، ومع هذا لا يسمح لي لكوني أصغر منها وهي صاحبة مشاكل أن أتدخل لمنعها عن سب أمي والصراخ عليها، لكن بداخلي أموت وأشعر بطعنة بقلبي وأسبها وألعنها بداخلي بسبب عقوقها لأمي. فهذا بنظري أبشع ما قد يعصي الإنسان به ربه، وإذا خلوت مع أمي تبدأ تشتكي هم هذه الفتاة وأشاركها الكلام.هل بشتمي لها وكلامي عن سيئ تصرفاتها مع أمي أكون اغتبتها وأأثم من ورائها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات... الحديث. وروى أحمد والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني، ويتأكد حق الأم في الطاعة والبر والصلة فعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والواجب تذكير هذه الأخت بما هي عليه من المعصية، وتعهدها بالموعظة وتخويفها عاقبة العقوق، فإن الهداية بيد الله وعليك بالدعاء لها فإن النصيحة الصادقة إذا صحبت الدعاء نفعت بإذن الله تعالى.
ويمكنك إهداؤها بعض الكتب أو الأشرطة المفيدة في هذا الشأن.
وينبغي أن تستسمحي لها أمّك، وتطلبي منها الدعاء لها بالهداية، فإنّ دعوة الوالد لولده من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
وأما ما يجري في نفسك من لعنها من دون نطق فلا مؤاخذة به؛ لما في الصحيحين: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم.
كما أن كلامك مع أمك لا يعد من الغيبة المحرمة إذا كانت محاورتكما لطلب المشورة، أو الاستفتاء للوصول إلى حل للمشكلة، فهذا من الأمور التي تباح فيها الغيبة، فإنه يجوز ذكر مساوئ الشخص لمن يستشار في أمر ما لطلب المشورة منه واستجلاب النصح والإرشاد، كما يجوز للمستشار إخبار المستشير بذلك، لما في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له.
وأما مجرد الحديث عنها بما تجاهر به من العقوق فهو من باب غيبة الفاسق، وقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 134384
والله أعلم