الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتفاع من شركة التأمين بأكثر مما دفع إليها

السؤال

الشركة التي أعمل فيها تدفع مبلغا ماليا عن كل موظف لديها إلى شركة تأمين تجاري، بغرض التأمين على المرض والتأمين على الحياة، وأنا إذا قمت بعيادة إلى طبيب أسترجع عادة المال في حدود ما دفعته الشركة من أجلي، وأحيانا تكون المصاريف المسترجعة أكثر من حقي، فأصرف الباقي في وجوه الخير والنفع العامة، ولكن لي زملاء ممن لم يتزوج بعضهم وليس لهم أطفال، فهم لا يترددون كثيرا على الأطباء، وبالتالي يتكون لهم رصيد كبيرمن المال دفعته عنهم الشركة على مر السنين دون أن يسترجعوا منه شيئا، وأنا أحيانا عندما تكون المصاريف المسترجعة أكثر من حقي، أستسمح زميلا لي في أن آخذ الزائد لنفسي على أن يعتبر أن هذا المبلغ قد استرده هو من شركة التأمين، فهل هذا سليم؟ وهل يجوز لي أن أعرض عليه أن يأخذ هو قسطا من هذا المال الزائد، وآخذ أنا قسطا حتى يعم النفع لكلينا؟ وما بقي يريبني في هذا الأمر هو رغم أن الشركة هي التي تدفع هذه الأقساط، ويقال بأن الاشتراك إجباري لكل موظفي الشركة، إلا أنني يوم التحقت بها طلب مني تعمير مطلب الانخراط في التأمين بنفسي، وطلب مني الإمضاء عليه، ولما سألتهم هل هذا لازم، قالوا لي نعم، فأمضيت ولكنني لم أستسغ أن أكون أنا الممضي على هذا الطلب، فهل يغير هذا كونه إجباريا إلى كونه اختياريا؟ وجزاكم الله خيرا على رحابة صدركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فالتأمين التجاري محرم، لكونه قائما على غرر وقمار، ولايجوز الاشتراك فيه اختيارا، ومن أجبر على الاشتراك فيه فيكون الإثم على من أجبره لا عليه، مثل ما إذا أجبرت الشركة عمالها على الاشتراك في التأمين التجاري، ولم يستطيعوا ترك العمل لاضطرارهم إليه، فيكون الإثم حينئذ على من أجبر العامل المضطر للعمل على الاشتراك في ذلك التأمين المحرم، وعلى فرض اضطرار العامل للبقاء في العمل وإمضائه على المشاركة في ذلك التأمين، فيجوز له أن يأخذ القدر المشترك به وهو ما دفعته جهة عمله نيابة عنه إلى جهة التأمين، وأما ما دفع إليه زائدا عن ذلك فلا يجوز له الانتفاع به في خاصة نفسه، بل يلزمه التخلص منه بدفعه إلى الفقراء والمساكين، وليس له أن يأخذ الباقي ليحتسبه من حق غيره من العمال، لأن حق غيره باق عند شركة التأمين، وعلى كل فما أعطيته أنت فلك أخذ مقدار مبلغ الاشتراك فحسب، والباقي تصرفه في وجوه الخير تخلصا منه، والإمضاء على عقد التأمين المحرم لا يجوز لغير من اضطر إليه؛ كأن لايستطيع العامل ترك العمل ولا يمكن بقاؤه فيه مالم يوقع عقد التأمين وهكذا، فإن كان العامل يجد عملا غيره وليس مضطرا للبقاء في ذلك العمل الذي يلزمه بالتوقيع على العقد المحرم والإقرار بشروطه الجائرة فلا يجوز له التوقيع عليه ولو أدى ذلك به إلى ترك العمل. ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 124700.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني