الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال عن نفسه أنه من عباد البقر

السؤال

كنا في موقع ألكتروني أنا وكثير من الشباب، وكنت أقلد لغة الهنود على المايك، وكنت أنكت وأسخر من هذه اللغة وقلت: أنا من عباد البقر ـ ويعلم الله أن ما في قلبي سواه، ولا أشرك به لو على قطع رقبتي، ولكن هذا الذي قلته من غبائي، فهل أشركت بالله؟ أفيدوني، لأنني منذ سنتين أو أكثر، وبين كل فترة وفترة يطرأ علي هذا الموضوع وتعبت منه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فما أقدمت عليه من التلفظ بهذ العبارة أمر خطير ومنكر كبير، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: قد تقدم أن الذي قال لما وجد راحلته: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح ـ لم يكفر بذلك وإن أتى بصريح الكفر، لكونه لم يُردْه، والمكره على كلمة الكفر أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته، بخلاف المستهزئ والهازل فإنه يلزمه الكفر، وإن كان هازلا، لأنه قاصد للتكلم باللفظ، وهزله لا يكون عذرا له بخلاف المكره والمخطئ والناسي فإنه معذور مأمور بما يقوله، أو مأذون له فيه، والهازل غير مأذون له في الهزل بكلمة الكفر والعقود، فهو متكلم باللفظ مريد له ولم يصرفه عن معناه إكراه ولا خطأ ولا نسيان ولا جهل، والهزل لم يجعله الله ورسوله عذرا صارفا، بل صاحبه أحق بالعقوبة، ألا ترى أن الله تعالى عذر المكره في تكلمه بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ولم يعذر الهازل، بل قال: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ـ وكذلك رفع المؤاخذة عن المخطئ والناسي. انتهـى.

وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي عن الجامع الصغير: إذا أطلق الرجل كلمة الكفر عمدا، لكنه لم يعتقد الكفر قال بعض أصحابنا: لا يكفر، لأن الكفر يتعلق بالضمير ولم يعقد الضمير على الكفر، وقال بعضهم: يكفر، وهو الصحيح عندي، لأنه استخف بدينه. انتهـى.

وبما أنه قد حصل منك ندم، فنسأل الله لك قبول توبتك منه، والتوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كم لا ذنب له، وعليك بالحذر من هذا فيما يستقبل من حياتك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني