الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يريد نكاح فتاة يحبها، وأهله يريدون تزويجه بقريبته

السؤال

لي أخ يحب فتاة وينوي أن يرتبط بها، ولكن أهلي رفضوا؛ لأنهم يريدون أن يزوجوه من بنت خالي، وهو يرى فيها أختا فقط. وقد مات والدي فجأة ـ رحمه الله ـ فهل زواجه من بنت خالي أصبح وصية؟ وإذا لم يتزوجها. فهل سيكون والدي غاضبا عليه؟
أفيدوني، لأن أخي في عذاب، وأمي تصر على تنفيذ الوصية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرحم والدكم، ويحسن عزاءكم فيه، ويعوضكم خيرا منه، ونوصيكم بالصبر والاسترجاع، ونذكركم بما وعد الله به الصابرين من الرحمة والهداية.

وأما عن زواج أخيكم من بنت خالتكم: فإننا ننصح أخاكم بالعمل بما يرضي الوالدين، فإن الله تعالى أوجب الإحسان إليهما فيما لا ضرر فيه على الولد، وجعل رضاه في رضاهما، فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36}. وفي الحديث: رضا الله، في رضا الوالدين. وسخط الله، في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

فإذا لم يكن على أخيك ضرر في زواجه منها، وظن أنها ستُعِفُّه؛ فليتزوج منها برا بأبويه.

فإن لم يظن ذلك، وخاف أن يبقى قلبه متعلقا بتلك المرأة التي يحبها؛ فليتزوجها، حفاظا على دينه، وتقديما لطاعة الله على طاعة الوالدين.

فقد قال العلوي الشنقيطي في نوازله:
لابن هلال طوع والد وجب إن منع ابنه نكاح من خطب.
ما لم يخف عصيانه للمولى لها فطاعة الإله أولى.

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ومفهوم كلامه ـ أي تقي الدين ـ أنه إذا لم يخف على نفسه يطيعها ـ أي أمه ـ في ترك التزوج، هذا في تركه مطلقا، فما بالك بتركه من امرأة معينة. اهـ.

وأما عن كون هذا وصية من الأب، فليس وصية يجب تنفيذها، ولكن ما دام قد عُلِمَتْ رغبتُه في ذلك، فمن البر تنفيذها خاصة إن كان قد كلم أهل بنت الخال في الأمر؛ لأن ذلك إنفاذ عهده، فقد أخرج أحمد وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله؛ هل يبقى علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي يبقى عليك من بعد موتهما.

ويتأكد هذا إن كانت أمه ترغب في ذلك أيضا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني