السؤال
أولا: لكم الشكر على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا. ثانيا: سؤالي يتعلق بشرط من شروط التوبة وهو رد الحقوق لأصحابها: فعندما أريد التوبة أتذكر ما فعلت وكيف الله سيأخذ من حسناتي ليعطيها لمن ظلمته، فأترك التوبة وأقول إذا تبت وعملت العمل الصالح الذي سيأخذه غيري فلماذا أعمله؟ فمثلا تسببت وعن قصد بضياع جميع بيانات شخص من على قرصه على الكمبيوتر، وتسببت أيضا عن قصد بقطع اتصال الأنترنت عن المنزل لساعات طويلة ودون علمهم طبعا، وتسببت أيضا بقطع اتصال التلفاز دون علمهم، ليس هذه فقط، بل اغتبت هذا وذاك وشتمت هذا بالسر والعلن، ودمرت ساعة أخي، وفعلت أفعالاً لا أظن بأن الله سيغفر لي بسببها، لأنها كثيرة ولا تحصى، ولا أتذكر بمن فعلت هذه الأفعال، وأخشى أنه لن يسامحني، وإذا أردت الاستغفار لمن ظلمته فما صيغة هذا الاستغفار؟ وكيف سأوفق بيني وبينه أي أستغفر لي وله في ذات الوقت؟ وأما الاستفسار الثاني فيتعلق بالأول وهو أنني عندما كنت صغيراً أخذت من عند المكتبة دون علمهم كرة صغيرة لا يتجاوز ثمنها ثمن زجاجة ماء، فكيف أتحلل مما فعلت حيث المكتبة موجودة وصاحبها ما زال يعمل بها مع العلم أن صاحبها عصبي؟ أرجو التفصيل والتوضيح والرد بسرعة، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمور مهمة لا بد من بيانها لك، فمنها أن ظنك أن الله لا يغفر لك هو سوء ظن به تعالى، فإنه جل اسمه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فمهما كان ذنبك عظيما وجرمك جسيما، فإن عفو الله تعالى أوسع ورحمته تعالى قد وسعت كل شيء، فمن تاب إليه سبحانه وصدق في توبته فإنه سبحانه يغفر له ويعفو عنه ويتجاوز عن سيئاته،
ومنها أن تركك التوبة وتأخيرك لها خطأ، بل هو ذنب يحتاج إلى توبة فإن التوبة واجبة على الفور.
ومنها أنك لو تبت توبة صادقة فإن عملك الصالح يبقى ثوابه لك ولا يأخذه غيرك، ولو تركت التوبة والعمل الصالح لهذا التلبيس الشيطاني وهو ألا يأخذ عملك الصالح غيرك، فإن من آذيتهم وكانت لهم عليك حقوق لا يظلمهم الله شيئا، فإن لم تكن لك حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليك ـ والعياذ بالله ـ كما ثبت في الحديث فعليك إذن أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى فإنه لا أنفع لك في دنياك ولا آخرتك من التوبة إلى الله عز وجل، ومن كانت له عليك حقوق أو مظالم فلا بد من ردها إليه أو استحلاله منها ولا تتم توبتك إلا بهذا، وانظر الفتوى رقم: 149083.
ويمكنك أن تستحل ممن أسأت إليه استحلالا مجملا فتطلب منه العفو عما بدر منك من إساءة له، ويرى بعض العلماء أن التوبة من الغيبة لا يلزم فيها استحلال من اغتبته لما قد يترتب على ذلك من المفاسد، وإنما يكفي أن تستغفر له وتدعو له بخير وتذكره بخير في المواطن التي اغتبته فيها.
وأما صيغة الاستغفار فأمرها واسع، ويكفيك أن تقول: اللهم اغفر لفلان أو اغفر لي ولفلان.
وأما الكرة التي أخذتها دون علم مالكها فلا بد من رد قيمتها إليه، ولا يلزم أن تخبره بحقيقة ما حصل، بل يكفيك أن تدفع إليه قيمتها، ويرجع الحق لمستحقه.
والله أعلم.