الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا لا يحب الله كل الناس

السؤال

أنا كمسلم مقنتع تماما بما في القرآن الكريم من آيات ومعجزات ومعان وتحد لعلماء الفصاحة والبيان بأن يأتوا بقرآن مثله أو بسورة، ومازال هذا التحدي وسيظل حتى تقوم الساعة، ولكن هناك بعض آيات القرآن التي يصعب على مسلم غير دارس لأمور الدين، وخصوصا لغتنا العربية أن يشرحها أو يعرف المعنى الحقيقي والمقصود بها فى الآيات الكريمة، والسوال هنا: ما معنى أن يقول الله تعالى في كتابه الكريم: إن الله لا يحب الظالمين، إن الله لا يحب المسرفين، إن الله لا يحب الفرحين، إن الله لا يحب المعتدين، إن الله لايحب الكافرين؟ والآيات الكريمة وإذا كان القرآن فقط يقول: إن الله لايحب ولا يوجد في القرآن آية تقول: إن الله يحب كل الناس ـ مسلمين ومسيحيين ويهودا ـ كل الناس على اختلاف عقائدهم وديانتهم هل حب الله فقط للمسلم؟ أرجو الإفادة وفقكم الله إلى ما فيه الخير والصلاح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد خلق الله البشر وذرأهم في هذه الدنيا ليعبدوه وحده ولا يشركوا به شيئا، كما قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون { الذاريات:56}.

وأرسل الله الرسل وأنزل الكتب بأوامره ونواهيه داعيا عباده للتقرب إليه والسعي في نيل مرضاته جل اسمه، وأعلمهم أن من أطاع رسله فهو المقبول السعيد ومن خالفهم فهو الشقي الطريد، فأقام عليهم الحجج وقطع معاذيرهم وأوضح لهم السبيل، فإذا خالف من خالف وعصى الرسل وحاربهم وكذب بما جاءوا به من الحق المبين بعد قيام الحجة عليه فهو مستحق للذم والعقوبة العاجلة والآجلة، قال تعالى: فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون{ البقرة: 38 ـ 39}.

فكيف بعد هذا يتصور عاقل أن يحب الله تعالى جميع البشر، ويكون عنده أهل طاعته وأهل معصيته سواء، وهل هذا إلا خلاف الحكمة، وقد نفى الله تعالى عن نفسه أن يسوي بين من آمن به ومن لم يؤمن، وذم من يظن هذا الظن فقال تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون { القلم:35ـ 36}.

وقال تعالى: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار { ص:28؟}.

وقال تعالى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون{ الجاثية: 21}.

فالله تعالى لا يسوي بين من اتبع الشرع الذي أنزله على ألسنة رسله عليهم السلام وبين من حاد عن هذا الشرع وناصبه العداء، ومن ثم فهو تعالى لا يحب إلا المتبعين للرسل المتمسكين بما أنزله من الشرع، وبقدر تمسك العبد بما بعث به الرسول يكون نصيبه من المحبة، وبقدر مخالفته لما بعث به يكون نصيبه من البغض والمقت، وقد نسخ الله جميع الشرائع ببعثة سيد الثقلين محمد صلى الله عليه وسلم، فكل من كذب به فهو مكذب لجميع الرسل الذين أخذ الله عليهم الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه، قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين { آل عمران:81}.

فلو تأملت أدنى تأمل لعلمت أنه يستحيل ويمتنع في حكمة الله تعالى أن يسوي بين المؤمن والكافر والبر والفاجر، وأن يكونوا عنده في منزلة واحدة، فيحب هذا كما يحب ذاك، تعالى ربنا وتقدس عن مثل هذا الظن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني