السؤال
عقد رجل قرانه، ولم يبن بها، ثم ألقى عليها الطلاق، وبعد ستة أشهر تم الصلح، وتم البناء بها، وأنجب منها طفلين، وأثناء تلك المدة ألقى عليها الطلاق مرتين، ويريد معاشرتها، وهي ترفض، وتقول أنت محرم عليَّ.
فما حكم الدين في ذلك؟ وهل معاشرتها حرام؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طلق زوجته قبل الدخول بها، فلا عدة عليها، ولا رجعة لزوجها عليها، لقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49].
قال ابن العربي في أحكام القرآن: هذه الآية نص في أنه لا عدة على مطلقة قبل الدخول، وهو إجماع الأمة، لهذه الآية. انتهى.
وعليه؛ فإن كنت تعني بقولك: "وبعد ستة أشهر تم الصلح " أنك عقدت عليها عقدا جديدا مستوفيا شروط صحته من ولي، وشاهدين، ومهر؛ فإنها بذلك تكون زوجة لك، لكن ليس لك عليها إلا طلقتان، فإذا أوقعتهما عليها، فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة، ثم يفارقها بطلاق أو موت.
وذلك أن الطلقة الأولى الحاصلة قبل الدخول محسوبة من العصمة، ولا تكون ملغاة بتجديد العقد بعدها، بل تبقى لك بعدها طلقتان من العصمة؛ كما ذكرنا.
قال ابن قدامة في المغني متحدثا عن طلاق غير المدخول بها: فبين الله سبحانه أنه لا عدة عليها، فتبين بمجرد طلاقها، وتصير كالمدخول بها بعد انقضاء عدتها، لا رجعة عليها، ولا نفقة لها، وإن رغب مطلقها فيها فهو خاطب من الخطاب يتزوجها برضاها بنكاح جديد، وترجع إليه بطلقتين، وإن طلقها اثنتين ثم تزوجها رجعت إليه بطلقة واحدة بغير خلاف بين أهل العلم. انتهى.
وإن كنت تعني بقولك السابق أنك اصطلحت معها، أو مع أهلها صلحا بدون عقد، فلا تكون بذلك زوجة لك، وتعتبر معاشرتك لها معاشرة في غير إطار زواج صحيح، وتلزمك مفارقتها، ثم بعد استبرائها من هذا الوطء الفاسد، فلك أن تتزوجها بعقد جديد مستوف شروطه، وفي هذه الحالة لا تعتد بالطلقتين السابقتين؛ لأنهما وقعتا في غير محل، لكونها ليست زوجة لك شرعا إذ ذاك.
وننبه إلى أن الولدين ينسبان إليك على كل حال، حتى على هذا الافتراض الأخير لكون الوطء حصل بشبهة.
وننصحكما بسرعة الرجوع في ذلك إلى أقرب قاضٍ، أو محكمة شرعية.
والله أعلم.