الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج المشاكل الزوجية تدور بين الصبر أو الفراق

السؤال

إخواني الكرام ، أنا من المتابعين لموقعكم الكريم منذ سنوات، منذ أن كنت مراهقا إلى أن أصبحت رجلا الآن، و لطالما استشرتكم و استفتيتكم و راسلتكم ، أسأل الله أن يجزيكم كل خير عن ما تقدمونه للإسلام وللأمة الإسلامية، و أسأل الله أن يبلغنا رمضان، وأن نخرج من رمضان و نحن قد غفر لنا كل ذنوبنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه. إخواني الكرام ، أنا أعلم مدى حرصكم على الأمة الإسلامية و مدى حرصكم على الأسرة الإسلامية، لكن الحق حق، و إن كان الله قد شرع الحق لأهله فلا يحق لنا منعهم إياه أو إخفاؤه عنهم . إخواني الكرام لاحظت في فتاوى كثيرة لكم أنه عند ما يسألكم رجل أو امرأة ، عن قضية أسرته و زواجه فطالما كان الزوج أو الزوجة غير عاص لله و مستكبر، تدعون إلى الصبر ، فمثلا إن كان الزوج أو الزوجة قد قدمت طلب أو استفتاء بأنها تعاني مع زوجها لكنه مؤمن، فإنكم تدعونها إلى الصبر والاحتساب. و هذا شي جميل، و إن تقدمت امرأة أو رجل بالاستفتاء عن سوء العيش مع زوجها و كان “عاصيا لله“ أو فاسقا أو ما شابه، فإنكم تنصحونها أن تتركه إن لم يتب، أو في حال كان السؤال قبل الزواج، فإنكم تملون عليها أن لا توافق على الشخص. و هذا جميل أيضاً ، لكن الزواج لا يتوقف على خلق الإنسان وإيمانه فحسب، فالإيمان لدينا نحن أهل الإسلام له قيمة عظيمة جداً ، هو الأساس ، فإن صلح إيمان الزوج أو الزوجة صلحت الحياة و العكس كذلك، لكن أحيانا مع كون الزوج أو الزوجة مؤمن و مؤمنة، قد لا تصلح لهم الحياة مع بعضهم البعض لعدم توافق عقولهم مثلا، أو للتنافر الروحاني بينهم أو لغيره من الأمور ، فالله قد شرع الطلاق مع أنه رغب بالإصلاح ، لكن أحيانا تصل الأمور إلى “نفرة “ ، فالشخص مؤمن لكنه غير مرتاح مع زوجته، أو الزوجة غير مرتاحة مع زوجها ، فهنا المسألة ليست مسألة إيمان ، النظرة يجب أن تكون برأيي المتواضع أشمل، فكما أنكم تدعون الأزواج و تحثونهم على الصبر والاحتساب، لم لا تخبرونهم بأنه يوجد حق شرعي و هو الخلع أو الطلاق ، فإن شكت امرأة سوء معاملة زوجها حتى لو كان “مؤمنا“ و طائعا لله، بإمكانكم أن تخيروها بين الصبر والاحتساب وبين خلع الزوج . لكن لاحظت أنكم تحثون على الصبر دون إخبار المرأة بأن حق الخلع حق شرعي لها، و كذلك إخبار الزوج بأنه يحق له الطلاق.
بالنهاية إخواني الكرام ، هذه ملاحظة بسيطة مني أنا الشاب أخوكم الصغير ، و أنا لست أهلا للعلم مثلكم و أنى لي أن أصل لعلمكم الكريم و العظيم ، فأنتم أهل الدين و النصيحة، و أنتم أدرى بما تقولون ، لكن لا أدري هكذا شعرت و أحببت أن أخبركم بملاحظتي و سامحوني على إطالتي و سامحوني على الملاحظة إن كنت نظرت للأمور نظرة سطحية غير شاملة كنظرتكم الكريمة للأمور. وفقكم الله ورعاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك أولا على متابعتك لموقعنا وحرصك على الاستفادة منه، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك إلى طاعته وخدمة دينه.

وما ذكرت من كوننا كثيرا ما ندعو إلى الصبر فأمر صحيح، وذلك لأن الطلاق أو الخلع وإن كانا من الأمور المشروعة إلا أن المصلحة قد تكون أعظم في صبر كل من الزوجين على الآخر، فقد يوجد أولاد يتضررون من حصول الطلاق، أو الظرف الذي يعيش فيه الرجل أو المرأة مثلا تقتضي أن يكون الصبر أفضل في حقه من الفراق، إلى غير ذلك من الأسباب. ومن هنا فإننا نؤكد على أمر الصبر والسعي في الإصلاح، فقد قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْر. [النساء:128 ]. وقال سبحانه مخاطبا الرجال: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. [النساء:19 ].

وأما قولك: لا تخبرونهم بأن لديهم حقا شرعيا وهو الخلع أو الطلاق" فأمر يخالف الواقع، بل الغالب من حالنا ذكر هذه المخارج عند ما يكون ذكرها مناسبا، مع التنبيه إلى تحري الأصلح من الأمرين: الصبر أو الفراق، فراجع فتاوانا تجد فيها الكثير من ذلك .

ونحن لم نقل إنه يكفي جانب الدين فقط في الحياة الزوجية، بل ننبه على أمر الخلق وحسن العشرة بين الزوجين، ومعاملة كل منهما الآخر بما يقتضيه الشرع. وعلى كل فإن ما يصلنا من ملاحظات واقتراحات هي دائما محل اعتبار عندنا وافقنا صاحبها أم خالفناه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني