الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا مقيم بالكويت، قلت لزوجتي: بالطلاق لا آتي إلى بلدي إلا أن أشتري بيتا ـ ولم أستطع، فماذا أفعل الآن وأنا ساكن في بيت إيجار؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الحلف بالطلاق ـ سواء أريد به الطلاق أو التهديد أو المنع أو الحث أو التأكيد ـ له حكم التعليق فيقع به الطلاق عند وقوع الحنث ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه، فإن كنت علقت طلاق زوجتك على أن تشتري بيتا قبل رجوعك لبلدك ولم تشتر بيتا حتى رجعت لبلدك فقد وقع الطلاق على زوجتك، فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية فلك مراجعتها قبل انقضاء عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195.

وأما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة: فإنها تبين منك بينونة كبرى ولا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقها الزوج أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، أما إذا كنت قصدت القسم بالطلاق بمعنى كون الطلاق محلوفا به تعظيما له كما يحلف بالله تعالى وصفاته، فالظاهر ـ والله أعلم ـ في هذه الحال أنه لا يقع طلاق ولا حاجة لكفارة لكونه يمينا باطلاً، فقد سئل الشيخ عليش ـ رحمه الله: مَا قَوْلُكُمْ فِيمَنْ قَالَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت الْقَسَمَ بِهِ لَا تَعْلِيقَهُ؟ فَأَجَاب: الْحَمْدُ لِلَّهِ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: لَوْ قَالَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ جَاعِلًا كُلًّا مِنْهُمَا مُقْسَمًا بِهِ كَمَا يُقْسِمُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ, وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ حِلَّ الْعِصْمَةِ, وَلَا تَحْرِيرًا لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا.

وننصحك بالابتعاد عن الحلف بالطلاق مستقبلا، لثبوت النهي عنه، ولأنه من أيمان الفساق وقد يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه فتندم حين لا ينفع الندم، وراجع الفتوى رقم: 58585.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني