الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات هامة تغني عن طلب الطلاق

السؤال

زوجي إنسان طيب كريم ذو قلب أبيض أحببته كثيرا ولكن بعد ولادتي تغير وأصبح حاد الطباع ومزاجي سليط اللسان مدخن لا يرحم وأحيانا أطلب مساعدته في التعامل مع طفله للحظات فيخرج مسرعا، وقد طلقني مرة واحدة بعد طهر جامعني فيه، وأصبحت الحياة صعبة معه، وأصبح يتهاون أن يوصلني لأهلي أو يطلب من أخيه أو والده بدلا عنه، خرجت من المنزل بعد مارفض إيصالي إلى أهلي وخرج فطلبت من والده إيصالي لهم وكان يسمح لي بالخروج من المنزل شريطة أن أكون مع والدته، وحدثت بيننا مشاجرات عدة على أشياء تافهة وذهبت إلى بيت أهلي مرات عديدة ولكن بلا فائدة وأصبح متيقنا أنني في كل مرة أخرج لي عودة، وأنا الآن عند أهلي بعد مشادة وكلام بذيء، حاولت أنا وأهلي النقاش ولكن بلا جدوى أصبحت أفكر بالانفصال وطلبت الطلاق عدة مرات، وكنت مصابة بالاكتئاب ومحاولة الانتحار قبل سنتين واستمررت على العلاج سنة والحمد لله، ولكنني أصبحت أخاف على نفسي من العودة للوضع السابق، وفي حالة اشتدت المشاكل وتفاقمت تصبح لدي ميول شديدة للانتحار، فهل الطلاق حل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزوج مطالب شرعا بأن يحسن عشرة زوجته ويحسن صحبتها امتثالا لقول الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.

وعملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: استوصوا بالنساء خيرا. وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فإن كان زوجك في تعامله معك على الحال الذي ذكرت من سوء الخلق وسلاطة اللسان وبذاءته فهو مخالف لهذا التوجيه الرباني، وعلى كل فإن تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها يسوغ لها طلب الطلاق، كما هو مبين بالفتوى رقم: 37112.

ومع هذا، فقد لا يكون الطلاق هو الحل، بل الأولى الصبر والدعاء لزوجك بالهداية والصلاح، فإن صلح كان ذلك خيرا لك ولولدك، فلا تعجزي عن الدعاء وأحسني الظن بربك فهو عند ظن عبده به، وراجعي الفتوى رقم: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء وشروطه.

وينبغي أن تلتمسي أسباب تغيره عنك بعد أن كان على ما وصفت أولا من حسن الخلق وطيب القلب، ثم اعلمي أنه لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه إلا لعذر شرعي، كما ذكر الفقهاء، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 73341.

فإذا خرجت الزوجة بغير إذن زوجها ولغير سبب مشروع كانت ناشزا تسقط نفقتها حتى ترجع عن النشوز، وكان لزوجها أيضا الحق في تأديبها، كما هو مبين بالفتوى رقم: 1103.

وأنت لم تذكري أنك قد خرجت من بيت زوجك بإذنه، أو أنه منعك حقا فيسوغ لك الخروج بسببه، فإذا كان الأمر كذلك وجب عليك التوبة والرجوع إلى بيت زوجك.

وأما الانتحار: فاحذريه أشد الحذر، فهل تدركين ماذا ستجنين لو أقدمت عليه؟ إنها خسارة الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، وراجعي الفتوى رقم: 10397.

وننبه إلى أمور:

الأمر الأول: أن الزوج ليس ملزما شرعا بإيصال زوجته إلى أهلها، ولو فعل لكان أفضل، فإن هذا مما تزداد به المودة وتقوى به العشرة، كما ننبه هنا إلى أن أخا الزوج أجنبي عن الزوجة فليس لها الركوب معه بمفردها، لأن هذا في حكم الخلوة المحرمة شرعا، كما أفتى بذلك جماعة من أهل العلم، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 1079.

الأمر الثاني: أن طلاق الزوج زوجته في طهر جامعها فيه يعتبر طلاقا بدعيا، ولكنه يقع على الراجح من أقوال العلماء، وراجعي الفتوى رقم: 50546.

الأمر الثالث: أنه ينبغي أن يسود بين الزوجين التفاهم، وأن يتغاضى كل منهما عن زلة الآخر لتستقر الحياة الزوجية ويتحقق مقاصد الشرع منها.

الأمر الرابع: أن التدخين محرم، وسبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 1671.

فينبغي نصح متعاطيه بالحكمة والموعظة الحسنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني