الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طاعة الوالدين في تطليق الزوجة

السؤال

أنا شاب متزوج منذ سنة ونصف تقريبا، أعيش مع زوجتي في إحدى الدول الأوروبية، فوجئت منذ فترة أن زوجتي ليس لها شاغلٌ خلال اتصالاتها مع أهلها سوى أن تغتاب عائلتي، وخصوصًا والدتي دون أيّ سبب أو أن تبهتني بُهتانا عظيما، مع أن علاقتنا جيدة جدا، وأنا لا أدّخر وِسعا لإسعادها، كما اِكتشفتُ أنّها كانت تبحث عن عملٍ مع علمها أنني أرفض ذلك خصوصا في بلاد الكفر، كما أُشير أيضا إلى أنها كانت ترفض طاعتي في كثير من الأحيان وترتدي ما أصبح يُعرف بحجاب التبرج وترفض تصحيحه، ولمّا أعلمتها أنني قد اكتشفت أمرها فعوضا عن أن تعتذر استكبرت وغضبت ورفضت العودة معي إلى بلادنا خلال العطلة، وقد كنت عاجزا عن اِجبارها باعتبار قوانين هذا البلد، كما أن أهلها لم ينصحوها بالعودة، فقررت أن أطلقها بعد أن صار والداي يرفضانها تماما، إلا أنني لم أطلقها وتريثت، والآن بعد أكثر من 3 أشهر جاءت لتعلن توبتها وتستسمحني فأخبرتها أنني مستعد لأن أسامحها، ولكنني لن أبقى معها إلاّ إذا وافق والداي وسامحاها، إلا أنّ والدي قد رفضا ذلك بشدَّة، وقالا لي إنهما لن يرضيا عني ولن يسامحاني إن بقيت معها وأنا لا أريد أن أغضبهما، فأفتوني في أمري. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صح ما ذكرت عن زوجتك من أنها تغتاب أهلك وتنال من عرضك فهي بذلك آثمة، فكل من الغيبة والبهتان ذنب عظيم، كما بينا بالفتوى رقم: 6710.

فالواجب عليها أن تتوب من ذلك توبة نصوحا مستوفية شرائطها، فإن تابت واستقام حالها فأمسكها وأحسن إليها ولا يلزمك طاعة والديك في أمرهما إياك بطلاقها، وراجع الفتوى رقم: 70223.

وإذا كانت زوجتك قد أخطأت بما ذكرت عنها من نيلها منك ومن أهلك، فإنك في المقابل قد أخطأت، إذ كيف أمكنك معرفة أمر اتصالها بأهلها وكلامها عنك وعن أهلك، فإن كنت قد تجسست عليها فالتجسس محرم، وإن نقل إليك كلامها، فهذا إصغاء منك لنميمة، وهي محرمة أيضا، وانظر الفتويين رقم: 30115، ورقم: 112691.

ثم ما الذي أوصل الأمر إلى هذا الحال من التوتر بين زوجتك وبين أهلك، فالزوج الحكيم يحرص على أن يكون الحال بين زوجته وأهله على ما يرام، فينبغي أن تسعى في هذا السبيل، فالإصلاح من أفضل القربات، كما بينا بالفتوى رقم: 106360.

وإن كانت زوجتك قد جاءتك معتذرة فاقبل عذرها، فمن شيم المؤمنين ومن كريم الخلق قبول عذر من جاء معتذرا، واقبلها زوجة ولو رفض ذاك والداك، وراجع الفتويين رقم: 59967، ورقم: 1549.

ولم نفهم ما تعني بحجاب التبرج، ولكن هنالك شروط معينة للباس سبق أن بيناها بالفتوى رقم: 6745.

فإن كان حجابها موافقا لهذه المواصفات فهو لباس شرعي، وإن اختل فيه أي منها فلا يعتبر حجابا شرعيا، فعليك بالاستمرار في نصحها بشأنه وتخويفها بالله والترفق بها في النصح، هذا وننبهك إلى أمرين:

الأول: أن الإقامة في بلاد الكفر ربما كانت سببا في تحرج المرأة من الالتزام بالحجاب الشرعي، فإن لم تكن بك ضرورة أو حاجة للإقامة في بلاد الكفر فننصحك بالهجرة إلى بلد مسلم تتمكنون فيه من إقامة شعائر دينكم من غير حرج، وتتمكن أنت فيه من تربية زوجتك وأولادك على عقيدة وأخلاق الإسلام، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 2007.

الثاني: أنه يجب على المرأة طاعة زوجها إن منعها من العمل وكان قائما بنفقتها، فلا يجوز لها مخالفته إلا إذا كانت قد اشترطت عليه قبل العقد أن تعمل، ولم يشتمل العمل على محظور من اختلاط ونحوه، وتراجع الفتوى رقم: 73341.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني