الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

استأجرت سيارة لتوصيل زوجتي في حفل قران أخيها وبعد إرجاع السيارة استرددت إيصال الأمانة الذي كنت كتبته لصاحب السيارة وكان إيصالا مفتوحا لم يحدد به اسم صاحب السيارة ولا المبلغ ولم أمزقه ووضعته في جيبي ثم أخذت زوجتي هذا الإيصال واكتشفت أنا ذلك وحلفت عليها إن لم تعد هذا الإيصال فستكون طالقا فقامت بخداعي وتزوير إيصال مثله وأعطتني إياه فقمت بتمزيق الإيصال الذي زورته ثم بعد عامين وعند خلاف دار بيننا هددتني بالإيصال الأصلي وأرسلت لي صورة حديثة له مما يعني أنها لم تعطني الإيصال الذي حلفت يمين الطلاق عليه فقلت لها إننا بهذا الوضع نتعاشر في الحرام منذ عامين فتحججت بأني كثير الحلف بالطلاق وأنه لا يعتد بحلفي، علما ً بأنني متزوج منها منذ ثمان سنوات ولا أعتقد أنني حلفت عليها بالطلاق سوى ما يقارب عشر مرات، فأرجو بيان حكم هذه الزوجة من حيث:
1ـ هل تعتبر هذه الزوجة سارقة، حيث إنها أخذت خفية ما ليس لها من أغراضي؟.
2ـ ما حكم هذه الفترة التي أخفت فيها هذا الإيصال؟ وهل كل معاشرتي الجنسية معها هذه الفترة تعتبر زنا أم لا؟ علما ًبأنها كانت تعلم أن الإيصال معها وأنها خدعتني وكنت أعتقد أنها استجابت ليميني.
3ـ هل أكون آثما إذا طلقت هذه الزوجة بسبب ما فعلته؟ علماً بأن الإيصال الأساسي لا يزال معها وأنني جامعتها بعد علمي بالحقيقة ولم أطلقها من قبل.
4ـ تنكر هذه الزوجة الآن أن الإيصال معها وتود أن تعيش معي ولا أستطيع العيش معها وأنا أشعر أنها تكيد وتدبر لي.
5ـ ما حكم هجر هذه الزوجة بدون طلاق؟.
6ـ بماذا تنصحون مثل هذه المرأة؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأخذ زوجتك هذا الايصال من جيبك لا يعتبر سرقة بالمعنى الشرعي للسرقة، ولكنه ظلم منها واعتداء بأخذها له بدون إذنك وبإخفائها له عنك، هذا بالإضافة إلى أن كذبها عليك أمر محرم فتجب عليها التوبة واستسماحك، والحلف بالطلاق في حكم الطلاق المعلق، وتعليق الطلاق بصيغة المضارع يقع به الطلاق عند حصول المعلق عليه، كما هو مبين بالفتوى رقم: 110560.

فإذا لم تكن زوجتك قد أعادت الإيصال الأصلي وقع طلاقها.

ولكن بقي النظر في الأيمان السابقة، ومجمل القول فيها أنه إذا وقع منك حنث في اثنتين منها وقعت طلقتان، وبهذه الطلقة الثالثة تكتمل ثلاث طلقات، وبالتالي تكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى، ولا تكون آثما بمعاشرتها إن كنت تظن بقاءها في عصمتك، وإن وجد أولاد فإنهم يلحقون بك، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من حلف بالطلاق قاصداً مجرد التهديد أو المنع وحنث فإنه لا يلزمه في ذلك إلا كفارة يمين ولو تكرر ذلك، ما دام لا يقصد بالحلف بالطلاق طلاقاً، وهذا كله فيما إذا حصل حنث في تلك الأيمان، وأما إن لم يحصل فيها حنث فلا تزال زوجة لك، وكذا إن حصل حنث في واحدة منها فهما إذن طلقتان، فتكون الزوجية قائمة.

وثم تنبيه آخر وهو أن يمين الطلاق من أيمان الفساق، وبدعة من البدع، والإكثار منها يدل على عدم المبالاة، وهذا أمر خطير، وأما ما يترتب على ذلك فراجع فيه الفتويين رقم: 3282، ورقم: 58004.

والطلاق مكروه لغير حاجة، فإذا طلق الزوج زوجته لم يكن آثما ولو لم يوجد سبب، ولكن لا ينبغي اللجوء إلى الطلاق حتى تستنفد وسائل الإصلاح، ولذلك جعل الشرع وسائل علاج النشوز في خطوات، والطلاق آخرها، وانظر الفتوى رقم: 1103.

وهجر الزوجة إذا كان لنشوزها لا حرج فيه، ولكن إذا لم تنتفع الزوجة بوسائل الإصلاح المختلفة فينبغي للزوج أن لا يتركها معلقة، فإما أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني